إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

{ ذلك } إشارة إلى مصدر قوله تعالى : { جزيناهم } أو إلى ما ذُكر من التَّبديلِ . وما فيه من معنى البُعد للإيذانِ ببُعد رُتبتهِ في الفظاعة . ومحلُّه على الأوَّلِ النَّصبُ على أنَّه مصدرٌ مؤكدِّ للفعل المذكور وعلى الثَّاني النَّصبُ على أنَّه مفعولٌ ثانٍ له أي ذلك الجزاءَ الفظيعَ جزيناهم لا جزاءً آخرَ أو ذلك التَّبديلَ جزيناهم لا غيرَه { بِمَا كَفَرُواْ } بسبب كفرانهم النِّعمة حيثُ نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدَّها أو بسبب كفرهم بالرُّسلِ { وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكفور } أي وما نُجازي هذا الجزاءَ إلا المُبالغَ في الكُفرانِ أو الكفر . وقرئ يُجازِي على البناء للفاعل وهو الله عزَّ وجلَّ . وهل يُجازَى على البناء للمفعول ورفعِ الكفورَ ، وهل يُجزى على البناء للمفعولِ أيضاً . وهذا بيانُ ما أُوتوا من النَّعم الحاضرة في مساكنهم وما فعَلُوا بها من الكُفرانِ وما فُعلَ بهم من الجزاء .