قوله تعالى : " ذلك جزيناهم بما كفروا " أي هذا التبديل جزاء كفرهم . وموضع " ذلك " نصب ، أي جزيناهم ذلك بكفرهم . " وهل يجازى إلا الكفور " قراءة العامة " يجازى بياء مضمومة وزاي مفتوحة ، " الكفور " رفعا على ما لم يسم فاعله . وقرأ يعقوب وحفص وحمزة والكسائي : " نجازي " بالنون وكسر الزاي ، " الكفور " بالنصب ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، قالا : لأن قبله " جزيناهم " ولم يقل جوزوا . النحاس : والأمر في هذا واسع ، والمعنى فيه بين ، ولو قال قائل : خلق الله تعالى آدم صلى الله عليه وسلم من طين ، وقال آخر : خلق آدم من طين ، لكان المعنى واحدا .
مسألة : في هذه الآية سؤال ليس في هذه السورة أشد منه ، وهو أن يقال : لم خص الله تعالى المجازاة بالكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي ؟ فتكلم العلماء في هذا ، فقال قوم : ليس يجازى بهذا الجزاء الذي هو الإصطلام{[13024]} والإهلاك إلا من كفر . وقال مجاهد : يجازى بمعنى يعاقب ؛ وذلك أن المؤمن يكفر الله تعالى عنه سيئاته ، والكافر يجازى بكل سوء عمله ، فالمؤمن يجزى ولا يجازى لأنه يثاب{[13025]} . وقال طاوس : هو المناقشة في الحساب ، وأما المؤمن فلا يناقش الحساب . وقال قطرب خلاف هذا ، فجهلها في أهل المعاصي غير الكفار ، وقال : المعنى على من كفر بالنعم وعمل بالكبائر . النحاس : وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها : أن الحسن قال مثلا بمثل . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حوسب هلك ) فقلت : يا نبي الله ، فأين قوله جل وعز : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " {[13026]} [ الإنشقاق : 8 ] ؟ قال :( إنما ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك ) . وهذا إسناد صحيح ، وشرحه : أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير ، ويبين هذا قوله تعالى في الأول : " ذلك جزيناهم بما كفروا " وفي الثاني : وهل يجازى إلا الكفور " ومعنى " يجازى " : يكافأ بكل عمل عمله ، ومعنى " جزيناهم " . وفيناهم ، فهذا حقيقة اللغة ، وإن كان " جازى " يقع بمعنى " جزى " . مجازا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.