تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

{ أو لم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون( 67 ) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين( 68 ) والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين( 69 ) }

المفردات :

حرما آمنا : مكانا مقدسا يأمنون فيه وهو مكة .

ويتخطف الناس : الخطف والتخطف الأخذ بسرعة والمراد به القتل والسلب .

أفبالباطل : الأصنام أو الشيطان .

67

التفسير :

{ أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون } .

أو لم يشاهدوا بأنفسهم أن مكة آمنة مطمئنة ، سالمة من الغزو والقتل والإغارة ، والعرب حولهم يشنون الحروب لأتفه الأسباب ويقومون بالإغارة والقتل بعضهم على بعض ، وكان الأولى بهم بعد ذلك أن يؤمنوا بالله وحده ، فإذا بهم يؤمنون بالأوثان والأصنام ويتركون الإيمان بالله ويكفرون بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : { لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف*فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } . ( قريش : 1-4 ) .

وقال تعالى : { ومن دخله كان آمنا . . . } ( آل عمرتن : 97 ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : " من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " . 30

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

لقد جعلهم الله تعالى في بلد آمن يعيشون فيه ، يعظّمهم الناس من أجل بيت الله ، ومن حولهم القبائل تقتتلُ وتتناحر ، فلا يجدون الأمان إلا في ظل البيتِ العظيم . وقد من الله عليهم بقوله : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } .

ثم بين أن العقل كان يقضي بأن يشكروا هذه النِعم ، لكنهم كفروا بها فقال : { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ ؟ } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

ولما كان قد فعل بهم سبحانه من الأمن الشديد المديد في البر دون سائر العرب عكس ما ذكر من حال خوفهم الشديد في البحر ، وكان قادراً على إخافتهم في البر كما قدر على إخافتهم في البحر ليدوم إخلاصهم ، وكان كفرهم عند الأمن بعد الإخلاص عند الخوف - مع أنه أعظم النقائص - هزلاً لا يفعله إلا من أمن مثل تلك المصيبة في البر ، توجه الإنكار في نحو أن يقال : ألم يروا أنا قادرون على إخافتهم وإهلاكهم في البر كما نحن قادرون على ذلك في البحر كما فعلنا بغيرهم ، فعطف عليه قوله : { أولم يروا } أي بعيون بصائرهم { أنا جعلنا } أي بعظمتنا لهم { حرماً } وقال تعالى : { آمناً } لأنه لا خوف على من دخله ، فلما أمن كل حالّ به كان كأنه هو نفس الأمن ، وهو حرم مكة المشرفة ، وأمنه موجب للتوحيد والإخلاص ، رغبة في دوامه ، وخوفاً من انصرامه ، كما كان الخوف في البحر موجباً للإخلاص خوفاً من دوامه ، ورغبة في انصرامه { و } الحال أنه { يتخطف } وبناه للمفعول لأن المقصود الفعل لا فاعل معين .

ولما كان التخطف غير خاص بناس دون آخرين ، بل كان جميع العرب يغزو بعضهم بعضاً ، ويغير بعضهم على بعض بالقتل والأسر والنهب وغير ذلك من أنواع الأذى ، قال : { الناس من حولهم } أي من حول من فيه من كل جهة تخطفَ الطيور مع قلة من بمكة وكثر من حولهم ، فالذي خرق العادة في فعل ذلك حتى صار على هذا السنن قادر على أن يعكس الحال فيجعل من بالحرم متخطفاً ومن حوله آمناً ، أو يجعل الكل في الخوف على منهاج واحد .

ولما تبين أنه لا وجه لشركهم ولا لكفرهم هذه النعمة الظاهرة المكشوفة ، تسبب الإنكار في قوله : { أفبالباطل } أي خاصة من الأوثان وغيرها { يؤمنون } والحال أنه لا يشك عاقل في بطلانه ، وجاء الحصر من حيث أن من كفر بالله تبعه الكفر بكل حق والتصديق بكل باطل { وبنعمة الله } التي أحدثها لهم من الإنجاء وغيره { يكفرون* } حيث جعلوا موضع شكرهم له على النجاه شركهم بعبادة غيره .