رآه : رأى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جبريل بصورته الحقيقية .
رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية بين السماء والأرض ، بالأفق الأعلى الواضح المظهر ، لما يرى فيه من جهة المشرق ، وهي الرؤية الأولى بمكة ، الواقعة عند غار حراء .
ثم رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرة أخرى عند سدرة المنتهى ، وذكر ذلك في صدر سورة النجم .
قال تعالى : والنجم إذا هوى* ما ضلّ صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى* علمه شديد القوى* ذو مرّة فاستوى* وهو بالأفق الأعلى* ثم دنا فتدلّى* فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى إلى عبده ما أوحى* ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* ولقد رآه نزلة أخرى* عند سدرة المنتهى . ( النجم : 1-14 ) .
قوله تعالى : " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رأى جبريل في صورته ، له ستمائة جناح . " بالأفق المبين " أي بمطلع الشمس من قبل المشرق ؛ لأن هذا الأفق إذا كان منه تطلع الشمس فهو مبين . أي من جهته ترى الأشياء . وقيل : الأفق المبين : أقطار السماء ونواحيها . قال الشاعر :
أخذنا بآفاقِ السماءِ عليكُمُ *** لنا قَمَرَاهَا والنجومُ الطوالعُ
الماوردي : فعلى هذا فيه ثلاثة أقاويل أحدها : أنه رآه في أفق السماء الشرقي . قاله سفيان . الثاني : في أفق السماء الغربي ، حكاه ابن شجرة . الثالث : أنه رآه نحو أجياد ، وهو مشرق مكة . قاله مجاهد . وحكى الثعلبي عن ابن عباس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل : " إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء " قال : لن تقدر على ذلك . قال : " بلى " قال : فأين تشاء أن أتخيل لك ؟ قال : " بالأبطح " قال : لا يسعني . قال : " فبمنى " قال : لا يسعني . قال : " فبعرفات " قال : ذلك بالحري أن يسعني . قواعده فخرج صلى الله عليه وسلم للوقت ، فإذا هو قد أقبل بخشخشة وكلكلة من جبال عرفات ، قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ، ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم خر مغشيا عليه ، فتحول جبريل في صورته ، وضمه إلى صدره . وقال : يا محمد لا تخف ، فكيف لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، وإن العرش على كاهله ، وإنه ليتضاءل أحيانا من خشية الله ، حتى يصير مثل الوصع{[15832]} - يعني العصفور حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته . وقيل : إن محمدا عليه السلام رأى ربه عز وجل بالأفق المبين . وهو معنى قول ابن مسعود . وقد مضى القول في هذا في " والنجم " {[15833]} مستوفى ، فتأمله هناك . وفي " المبين " قولان : أحدهما أنه صفة الأفق . قاله الربيع . الثاني أنه صفة لمن رآه . قاله مجاهد .
ولما كان المجنون لا يثبت ما يسمعه{[71959]} ولا ما يبصره حق الإثبات ، فكان التقدير بعد هذا النفي : فلقد سمع من رسولنا إليه ما أرسل به حق السمع ، ما التبس عليه فيه-{[71960]} حق بباطل ، عطف عليه-{[71961]} الإخبار برفعة شأنه في رؤية ما لم يره غيره-{[71962]} وأمانته وجوده فقال : { ولقد رآه } أي المرسل إليه وهو جبريل عليه الصلاة والسلام على{[71963]} صورته الحقيقية ليلة المعراج وبعرفات ، جامعاً إلى حس السمع حس البصر { بالأفق المبين * } أي الأعلى الذي هو عند سدرة المنتهى ، حيث لا يكون لبس أصلاً ، ولا يكون لشيطان على ذلك المكان سبيل فعرفه حق المعرفة ، وقال البيضاوي{[71964]} : بمطلع الشمس الأعلى - يعني{[71965]} وهو مشرق الأنوار ، والأفق : الناحية التي تفوق وتعلو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.