أعد الله لهم عذابا شديدا : تكرار الوعيد للتوكيد .
10- { أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا } .
تكرير للوعيد ليضعه أمام الأنفس ، تحذيرا لمن يرتكب الظلم والعناد ، والانتقام الآشر ، في أمور الطلاق والعدة والنفقة والسكنى ، وما يتصل بذلك من أمور .
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا }
سارعوا أيها المؤمنون أصحاب العقول والألباب إلى تقوى الله ، والتزام أوامره ، واجتناب نواهيه ، وتنفيذ ما شرعه الله لكم في أحكام الطلاق مهما كانت رغبتكم في الانتقام من خصمكم ، فأطفئوا هذا الغيظ بتقوى الله ، يا أيها المؤمنون قد أنزل الله إليكم كتابا مشتملا على الذكر والتذكير ، وتبصير المسلمين بأحكام الله ووجوب طاعتها ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا متحركا ، سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن . x
" أعد الله لهم عذابا شديدا " بين ذلك الخسر وأنه عذاب جهنم في الآخرة . " فاتقوا الله يا أولي الألباب " أي العقول . " الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا " بدل من " أولي الألباب " أو نعت لهم ، أي يا أولي الألباب الذين آمنتم بالله اتقوا الله الذي أنزل عليكم القرآن ، أي خافوه واعملوا بطاعته وانتهوا عن معاصيه . وقد تقدم .
ثم فسر {[66163]}الخسر أو{[66164]} استأنف الجواب لمن يقول : هل لها غير هذا في هذه الدار ، بقوله : { أعد الله } أي الملك الأعظم { لهم{[66165]} } بعد الموت{[66166]} وبعد البعث { عذاباً شديداً } .
ولما تمت الأحكام ودلائلها ، وأحكمت الآيات وفواصلها ، والتهديدات وغوائلها ، كانت فذلكتها وثمرة سياقها وموعظتها ما تسبب عن ذلك من قوله تعالى تنبيهاً على ما يحيي الحياة الطيبة وينجي في الدارين : { فاتقوا الله } أي الذي له الأمر كله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
ولما كان في تخليص{[66167]} المواعظ من الأحكام واستثمارها من فواصل {[66168]}هذا الكلام أمر{[66169]} عظيم هو من الرقة بمكان لا يبصره إلا ذوو الأفهام قال تعالى : { يا أولي الألباب{[66170]} * } أي العقول الصافية النافذة من الظواهر إلى البواطن { الذين آمنوا } أي خلصوا من دائرة الشرك وأوجدوا الإيمان حقيقة ، ثم علل هذا الأمر بما أزال العذر فقال تنبيهاً على ما من علينا به من المراسلة فإن مراسلات الأكابر فخر فكيف بمراسلات الملوك فكيف بمراسلة ملك الملوك حثاً بذلك على شكره : { قد أنزل الله } أي الذي له صفات الكمال { إليكم }{[66171]} خاصة { ذكراً * } أي كاملاً مذكوراً فيه غاية الشرف لكل من يقبله بل تشرفت الأرض كلها بنزوله ورفع عنها العذاب وعمها النور والصواب لأن فيه تبيان {[66172]}كل شيء{[66173]} ، فمن استضاء بنوره اهتدى ، ومن لجأ إلى برد أفنائه وصل من داء{[66174]} الجهل إلى شفائه .
قوله : { أعد الله لهم عذابا شديدا } وذلك تأكيد من الله على أن عذاب الظالمين العصاة أليم شديد .
قوله : { فاتقوا الله ياأولي الألباب } يخاطب الله أولي العقول الراجحة النيّرة فهم خليق بهم أن يوقنوا ويبادروا التصديق والطاعة بما أوتوه من نعمة العقل المستنير . وبذلك يأمر الله عباده من أولي العقول والنّهى أن يخشوه ويطيعوه ويجتنبوا معاصيه .
قوله : { الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا } الذين بدل من أولي الألباب . أو نعت لهم . يعني يا أولي الألباب الذين آمنتم بالله ، اتقوا الله الذي أنزل إليكم القرآن . أي خافوه وأطيعوا أمره واجتنبوا معاصيه .