فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكُمۡ ذِكۡرٗا} (10)

{ أعد الله لهم عذابا شديدا } في الآخرة وهو عذاب النار والتكرير للتأكيد .

{ فاتقوا الله يا أولي الألباب } أي يا أصحاب العقول الراجحة وقوله : { الذين آمنوا } في محل نصب بتقدير أعني ، بيانا للمنادى ، أو عطف بيان له ، أو نعت { قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا } فيه أوجه .

أحدها : وإليه ذهب الزجاج والفارسي أنه منصوب بالمصدر المنون قبله ، لأنه ينحل بحرف مصدري وفعل ، كأنه قيل : إن ذكر رسولا .

الثاني ؛ أنه جعل نفس الذكر مبالغة فأبدل منه .

الثالث : أنه بدل منه على حذف مضاف من الأول تقديره أنزل ذا ذكر رسولا .

الرابع : كذلك إلا أن رسولا نعت لذلك المحذوف .

الخامس : أنه بدل منه على حذف مضاف من الثاني ، أي ذكرا ذا رسول .

السادس : أن يكون رسولا نعتا لذكرا على حذف مضاف ، أي ذكرا للرسول ، فذا رسول نعت لذكرا .

السابع : أن يكون رسولا بمعنى رسالة ، فيكون رسولا بدلا صريحا من غير تأويل ، أو بيانا عند من يرى جريانه في النكرات كالفارسي ، إلا أن هذا يبعده قوله الآتي : { يتلو عليكم } لأن الرسالة لا تتلو إلا بمجاز .

الثامن : أن يكون رسولا منصوبا بفعل مقدر أي أرسل رسولا .

قال الزجاج : إنزال الذكر دليل على إضمار أرسل .

التاسع : أن يكون منصوبا على الإغراء أي اتبعوا وألزموا رسولا ، ذكره السمين . وقيل إن الذكر ههنا بمعنى الشرف كقوله : { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم } ، وقوله : { وإنه لذكر لك ولقومك } ، ثم بين هذا الشرف فقال : { رسولا } ، واختلف الناس في رسولا ، هل هو النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو القرآن نفسه ؟ أو جبريل ؟ فقد ذهب الأكثر ومنهم ابن عباس " إلى أن المراد بالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الكلبي : هو جبريل ، وبه قال الزمخشري ، والمراد بالذكر القرآن ، ويختلف المعنى باختلاف وجوه الإعراب السابقة كما لا يخفى ،