( سورة القارعة مكية ، وآياتها 11 آية ، نزلت بعد سورة قريش )
والقارعة اسم من أسماء القيامة ، كالحاقة والصاخة والطامة والغاشية ، وسميت قارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها . والسورة كلها عن هذه القارعة : حقيقتها ، وما يقع فيها ، وما تنتهي إليه ، فهي تعرض مشهدا من مشاهد القيامة . والمشهد المعروض هنا مشهد هول ، تتناول آثاره الناس والجبال ، فيبدو الناس في ظله صغارا ضئالا على كثرتهم ، فهم كالفراش المبثوث ، مستطارون مستخفون في حيرة الفراش الذي يتهافت على الهلاك ، وهو لا يملك لنفسه وجهة ، ولا يعرف له هدفا . وتبدو الجبال التي كانت ثابتة راسخة كالصوف المنفوش ، تتقاذفه الرياح ، وتعبث به حتى الأنسام .
عندئذ يرجح وزن المؤمن وتثقل درجته ، فيعيش عيشة راضية ، ويخفّ ميزان الكافر وتهوى منزلته ، فيصطلى بنار حامية .
1-3- القارعة* ما القارعة* وما أدراك ما القارعة .
القارعة . استفهام عن حقيقتها ، قصد به تهويل أمرها ، كأنها لشدة ما يكون فيها ، مما تفزع له النفوس وتدهش له العقول ، يصعب تصورها .
وما أدراك ما القارعة . أي شيء يعرفك بها ؟ زيادة في تعظيم تلك الحادثة العظيمة ، كأن لا شيء يحيط بها ويفيدك برسمها ، ثم أخذ بزمامها وما يكون للناس فيها .
4- يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . أي : يكون الناس من حيرتهم وذهولهم كالفراش الهائم على وجهه ، المنتشر في الفضاء لا يدري ماذا يصنع ، قال تعالى في آية أخرى : كأنهم جراد منتشر . ( القمر : 7 ) .
5- وتكون الجبال كالعهن المنفوش . أي : تصبح في صورة الصوف المنفوش ، فلا تلبث أن تذهب وتتطاير ، وفي سورة ( عم يتساءلون ) قال تعالى : وسيّرت الجبال فكانت سرابا . ( النبأ : 20 ) .
6 ، 7- فأما من ثقلت موازينه* فهو في عيشة راضية .
أي : من ثقلت موازينه برجحان كفّة حسناته على سيئاته ، فهو في الجنة . ويقال : ثقل ميزان فلان ، إذا كان له قدر ومنزلة رفيعة ، كأنه إذا وضع في ميزان كان له به رجحان ، وإنما يكون المقدار والقيمة لأهل الأعمال الصالحة ، والفضائل الراجحة ، فهؤلاء يجزون النعيم الدائم والعيشة الراضية .
8 ، 9- وأما من خفّت موازينه* فأمّه هاوية . يقال : خفّ ميزان فلان ، أي سقطت قيمته فكأنه ليس بشيء ، حتى لو وضع في كفة ميزان لم يرجح بها على أختها ، ومن كان في الدنيا كثير الشر قليل فعل الخير ، يجترئ على المعاصي ، ويفسد في الأرض ، فإنه لا يكون شيئا في الآخرة ، ولا ترجح به كفة ميزان لو وضع فيها .
ويرى بعض المفسرين أن الذي يوزن هو الصحف التي تكتب فيها الحسنات والسيئات ، وأن الحسنات تمثل وتقابل بالنور والخير ، وأن السيئات تمثل وتقابل بالظلام والشر ، وأن من كثر خيره كان ناجيا ، ومن كثر شره كان هالكا .
وهذا الميزان نؤمن به ونفوّض حقيقة المراد به إلى الله تعالى ، فلا نسأل كيف يزن ؟ ولا كيف يقدر ؟
قال تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين . ( الأنبياء : 47 ) .
فأمّه هاوية . مرجعه الذي يأوي إليه كما يأوي الولد إلى أمه ، أي : فمسكنه ومأواه النار .
10- وما أدراك ماهيه . أي : ما الذي يخبرك بما هي تلك الهاوية ، وأي شيء تكون ؟
11- نار حامية . هي نار ملتهبة بلغت النهاية في الحرارة ، يهوى فيها ليلقى جزاء ما قدّم من عمل .
1- وصف أهوال يوم القيامة ومشاهده .
{ القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث 4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفّت موازينه 8 فأمّه هاوية 9 وما أدراك ماهيه 10 نار حامية 11 }
وما أدراك ما القارعة : استفهام عن حقيقتها ، قصد به تهويل أمرها .
1 ، 2 ، 3- القارعة* ما القارعة* وما أدراك ما القارعة .
القارعة . هي القيامة ، وسمّيت القارعة لأنها تقرع الناس بأهوالها وشدّتها ، وتسمّى الحاقة ، والصاخة ، والطامة الكبرى ، والواقعة ، والقيامة ، وتبدأ بالنفخة الأولى من إسرافيل في الصور ، وتنتهي بفصل القضاء بين الخلائق ، فمنهم شقي وسعيد .
تهويل لشأنها ، أي : أي شيء هي ؟ وما أعلمك ما شأن القارعة ؟
تأكيد لشدة هولها على النفوس ، كأنه لا شيء يحيط بها ، مهما تخيلت أمرها فهي أعظم من تقديرك وتوقّعاتك ، ثم فسّر ذلك ، وأبان زمانها وأماراتها ، فقال : { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . }
سورة القارعة مكية ، وآياتها إحدى عشرة ، نزلت بعد سورة قريش . والقارعة من أسماء القيامة ، كالحاقة والصاخّة والطامّة والغاشية ، سميت بذلك ؛ لأنها تقرع القلوب بهولها . وقد بدأت السورة بالتهويل من شأن القارعة التي تصكّ أسماع الناس ،
وما في ذلك اليوم من شدائد ، وما يكون فيه من أحداث عظام . وذكرت كيف تُنسف الجبال ، وتتطاير حتى تصبح كالصوف المنفوش .
كذلك تحدّثت السورة عن أعمال الناس ، وأن منهم سعداء برجحان حسناتهم ، ومنهم أشقياء بسبب أعمالهم السيئة وسوء مصيرهم .
يُهوّلُ الله تعالى في هذه الآية والآيات التي بعدها من وصف يومِ القيامة التي تَقرَعُ قلوبَ الناس بما فيها من أحداثٍ وشدائد .
{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ }
{ الْقَارِعَةُ } من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك ؛ لأنها تقرع الناس وتزعجهم بأهوالها .
وهي مكية بإجماع . وهي عشر آيات{[1]}
قوله تعالى : { القارعة ، ما القارعة } أي القيامة والساعة ، كذا قال عامة المفسرين . وذلك أنها تقرع الخلائق بأهوالها وأفزاعها . وأهل اللغة يقولون : تقول العرب : قرعتهم القارعة ، وفقرتهم الفاقرة ، إذا وقع بهم أمر فظيع . قال ابن أحمر :
وقارعةٍ من الأيام لولا *** سبيلهم لزاحت{[16314]} عنك حِينَا
متى تقرع بمَرْوَتِكُمْ{[16315]} نَسُؤْكُمْ *** ولم تُوقَدْ لنَا في القدر نَارُ
وقال تعالى : { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة }{[16316]} [ الرعد : 31 ] وهي الشديدة من شدائد الدهر .
{ القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفت موازينه 8 فأمه هاويه 9 وما أدراك ما هية 10 نار حامية } .
القارعة : من أسماء القيامة . وقد سميت بذلك ؛ لأنها تقرع الخلائق بأهوالها ونوازلها وفظائعها . ومن أقوال العرب في هذا الصدد : قرعتهم القارعة ، وفقرتهم الفاقرة ، إذا نزل بهم أمر شديد . لا جرم أن الساعة خبرها داهم ومذهل ، وأنها تفجأ الخلائق بشدائدها الجسام ، فتقرع فيهم الأسماع والأذهان والقلوب ، فيقفون شاخصين واجمين مذعورين .