تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا جَنَّـٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ وَفَجَّرۡنَا فِيهَا مِنَ ٱلۡعُيُونِ} (34)

33

المفردات :

جنات : بساتين من شجر النخيل والأعناب .

فجرنا : شققنا وأنبعنا فيها عيونا كثيرة .

التفسير :

34 { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ } .

وجعلنا في الأرض بساتين من النخيل الذي ينبت التمر والبلح والرطب والبُسر وسائر أنواع التمور ، وأشجارا من العنب والزبيب ، وبجوار ذلك توجد العيون التي تفور بالمياه الجوفية ، وخص الله التمر والعنب بالذكر لأنهما غذاء ودواء وفاكهة .

والجنات جمع جنة ، وهي كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض ، وقد تسمى الأشجار الساترة جنّة ، من الجَنّ وهو الستر ، وكذلك الجِن مستور لا يرى ، والمِجنّ يستر المقاتل ويحميه من النِّبال والسِّهام والرصاص والقذائف ، وجَنّ الظلام ستر كلّ ما تحته ، والمجنون من عقله غائب مستور لا أثر له ، والجنين في بطن أمه ، والأجنّة في بطون الأمهات مستورة لا ترى ، فمادة : جنّ ، وجِنّة وجنين ، وأجنة ، ومجنون ، كلها من السَّتر .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا جَنَّـٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ وَفَجَّرۡنَا فِيهَا مِنَ ٱلۡعُيُونِ} (34)

{ وجعلنا فيها }أي : في الأرض{ جنات } أي : بساتين . { من نخيل وأعناب }وخصصهما بالذكر ؛ لأنهما أعلى الثمار . { وفجرنا فيها من العيون }أي في البساتين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا جَنَّـٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ وَفَجَّرۡنَا فِيهَا مِنَ ٱلۡعُيُونِ} (34)

ولما ذكر سبحانه ما في الزروع وما لا ساق له من النعمة والقدرة ، ودل السياق فيه على الحصر ، أتبعه ما بين أن المراد التعظيم لا الحصر الحقيقي بإظهار المنة في غيره من الأشجار الكبار والصغار ذات الأقوات والفواكه ، فقال دالاً على عظمه بمظهر العظمة : { وجعلنا } أي : بما لنا من العظمة { فيها } أي :الأرض { جنات } أي : بساتين تستر داخلها بما فيها من الأشجار الملتفة . ولما كان النخل - مع ما فيه من النفع - زينة دائماً بكونه لا يسقط ورقه ، قدمه وسماه باسمه فقال : { من نخيل } وفيه أيضاً إشارة إلى أنه نفع كله خشبه وليفه وشعبه وخوصه وعراجينه وثمره طلعاً وجماراً وبسراً ورطباً وتمراً ؛ ولذلك - والله أعلم - أتى فيه بصيغة جمع الكثرة كالعيون ، ولما كان الكرم لا تكون له زينة بأوراق تجن إلا ما كان العنب قائماً قال : { وأعناب } ودل بالجمع فيهما دون الحب على كثرة اختلاف الأصناف في النوع الواحد الموجب للتفاوت الظاهر في القدر والطعم وغير ذلك .

ولما كانت الجنات لا تصلح إلا بالماء ، وكان من طبع الماء الغور في التراب والرسوب بشدة السريان إلى أسفل ، فكان فورانه إلى جهة العلو أمراً باهراً للعقل لا يكون إلا بقسر قاسر حكيم قال : { وفجرنا } أي : فتحنا تفتيحاً عظيماً { فيها } ودل على تناهي عظمته وتعاليها عن أن يحاط بشيء منها بالتبعيض بقوله : { من العيون * } والتعريف هنا يدل على أن الأرض مركبة على الماء ، فكل موضع منها صالح لأن ينفجر منه الماء ، ولكن الله يمنعه عن بعض المواضع بخلاف الأشجار ليس منها شيء غالباً على الأرض ، ففي ذلك تذكير بالنعمة في حبس الماء عن بعض الأرض لتكون موضعاً للسكن ، ولو شاء لفجر الأرض كلها عيوناً كما فعل بقوم نوح عليه السلام فأغرق الأرض كلها .