تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدٞ وَشَرَابٞ} (42)

41

42-{ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب } .

أي : حرّك الأرض برجلك ، واضربها بها ، يخرج ينبوع من الماء تغتسل منه فيبرأ الظاهر ، وتشرب منه فيبرأ الباطن .

من تفسير المراغي

جاء في تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي ما يأتي :

وفي هذا إيماء على نوع المرض الذي كان به ، وأنه من الأمراض الجلدية غير المعدية ، كالإكزيما والحِكّة ونحوهما ، مما يتعب الجسم ويؤذيه أشد الإيذاء ، لكنه ليس بقتّال ، وقد شفى باطنه وظاهره بماء العيون ، كما نرى في العيون التي في البلاد التي أنشئت فيها الحمامات في أوروبا ومصر وغيرها ، واستعملت فيها مشاتي ومصحات للأمراض الجلدية ، والأمراض الباطنية ، كمياه فيشى وسويسرا وحلوان . ا ه .

تعقيب

والأستاذ أحمد مصطفى المراغي يحاول أن يقرّب لنا أسباب الشّفاء ، بأنّه قريب من استخدام مياه متخصصة في علاج الأمراض ، وإذا تأملنا أسلوب القرآن اتضح لنا أن الشفاء كان بفضل الله ، وهو معجزة لشفاء نبي مرسل .

وقد كان هناك اتجاه في تفسير الشيخ محمد عبده ، والسيد رشيد رضا ، ومن تأثر بهما يحاول تقريب المعجزات إلى الأفهام ، فأفاد الشيخ محمد عبده أن عيسى عليه السلام كان روحا أو روحانية غالبة ، والرياح تؤثر في الأشجار فتخْلعُها ، وكان من تأثير روحانية المسيح أنه كان يلمس الطين المصنوع كهيئة الطير فتدب فيه الحياة ، وتكلم عن السحر بأنه وهم وخيال لا حقيقة .

وهناك من العلماء من يرى غير ذلك ، وحجّته أن المعجزة أمر خارق للعادة ، يظهر الله على يد المبعوث بالرسالة ، تصديقا له في دعوته ، مثل : سفينة نوح ، وناقة صالح ، وشفاء أيوب ، وعصا موسى ويده ، وشفاء المسيح للأعمى والأبرص ، وإعجاز القرآن الكريم ، وكلها أمور خارقة للعادة ، لا طاقة للبشر بفعل شيء منها ، ولا نرى من الحكمة تقريب المعجزة من أعمال الناس {[578]} ، لأن أعمال الناس تعتمد على أسباب علمية أو طبية ، أو غير ذلك ، أمّا المعجزة فتعتمد على قدرة الله ، { والله على كل شيء قدير } . [ البقرة : 284 ] .


[578]:انظر تفسير المراغي جزء 23 ص 124 حيث يقول: (إن الماء كان من المياه الكبريتية ذات الفائدة الناجحة في تلك الأمراض).
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدٞ وَشَرَابٞ} (42)

قوله تعالى : ( اركض برجلك ) الركض الدفع بالرجل . يقال : ركض الدابة وركض ثوبه برجله . وقال المبرد : الركض التحريك ؛ ولهذا قال الأصمعي : يقال ركضت الدابة ولا يقال ركضت هي ؛ لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ولا فعل لها في ذلك . وحكى سيبويه : ركضت الدابة فركضت مثل جبرت العظم فجبر وحزنته فحزن ، وفي الكلام إضمار أي قلنا له : " اركض " قال الكسائي : وهذا لما عافاه الله . " هذا مغتسل بارد وشراب " أي فركض فنبعت عين ماء فاغتسل به ، فذهب الداء من ظاهره ، ثم شرب منه فذهب الداء من باطنه . وقال قتادة : هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية ، فاغتسل من إحداهما فأذهب الله تعالى ظاهر دائه ، وشرب من الأخرى فأذهب الله تعالى باطن دائه . ونحوه عن الحسن ومقاتل . قال مقاتل : نبعت عين حارة واغتسل فيها فخرج صحيحا ، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذبا . وقيل : أمر بالركض بالرجل ليتناثر عنه كل داء في جسده . والمغتسل الماء الذي يغتسل به . قاله القتبي . وقيل : إنه الموضع الذي يغتسل فيه . قاله مقاتل . الجوهري : واغتسلت بالماء ، والغسول الماء الذي يغتسل به ، وكذلك المغتسل ، قال الله تعالى : " هذا مغتسل بارد وشراب " والمغتسل أيضا الذي يغتسل فيه ، والمغسل والمغسل بكسر السين وفتحها مغسل الموتى والجمع المغاسل . واختلف كم بقي أيوب في البلاء ، فقال ابن عباس : سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات . وقال وهب بن منبه : أصاب أيوب البلاء سبع سنين ، وترك يوسف ، في السجن سبع سنين ، وعذب بختنصر وحُوِّلَ في السباع سبع سنين . ذكره أبو نعيم . وقيل : عشر سنين . وقيل : ثمان عشرة سنة . رواه أنس مرفوعا فيما ذكر الماوردي .

قلت : وذكره ابن المبارك . أخبرنا يونس بن يزيد ، عن عقيل عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما أيوب ، وما أصابه من البلاء ، وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثمان عشرة سنة . وذكر الحديث القشيري . وقيل : أربعين سنة .