فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدٞ وَشَرَابٞ} (42)

بعد قصة داوود وسليمان عليهما السلام ، أمر الله تعالى نبيه محمدا أن يذكر قصة أيوب نبي الله ، والصحيح أنه من أنبياء بني إسرائيل ، وقد شاء ربنا أن يبتليه بشيء من السقم في بدنه وطال به البلاء ، فخاف أن يبلغ البلاء به أو بغيره ما لا يطيق فدعا ربه { . . أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين } وأمره الله تعالى أن يضرب الأرض برجله فضربها فتفجر منها ماء فنودي : هذا مغتسل بارد وشراب فاغتسل واشرب منه ، ففعل فأذهب الله عنه ما كان به من سقم وألم ، وعافا الله أهله ، وجمع شملهم وباركهم وذريتهم ، فعاد أهله ضعف ما كانوا قبل ، فيضا من رحمة مولانا البر الرحمن . وعبرة لكل صاحب لب وبصيرة أن الفرج مع الصبر وأن مع العسر يسرا ، ولكأنما كان عليه الصلاة والسلام قد حلف ليضربن زوجته مائة ، فأنزل الله له تحلة يمينه أن يضربها بحزمة من حشيش مختلفة تضم مائة عود فليضربها بالحزمة مرة واحدة فيكون تيسيرا على زوجته ، ومنجاة له من الحنث في اليمين ، وهكذا { . . من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } وسلاما على أيوب النبي الكريم ، الذي رفع قدره رب العالمين فشرفه بأنه { نعم العبد } وفضله بأنه كثير الإنابة إلى مولاه .