قوله تعالى : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } جائز أن يكون لما قال : { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] دعا عند ذلك أن يكشف عنه البلايا التي مسته ؛ كأنه قال : إني مسني الضر ، فاكشف ذلك عني { وأنت أرحم الراحمين } دل على قوله عز وجل : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ } [ الأنبياء : 84 ] دل هذا على أن قد كان منه دعاء وسؤال في كشف الضر عنه ، فاستجاب الله دعاءه .
فعند ذلك قال : { اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب } جائز أن يكون لما ضرب برجله الأرض وركضها نبع منها عينان : إحداهما للاغتسال فيها ، والأخرى للشرب منها ؛ فكانت التي للشرب منها ؛ ماؤها بارد على ما يوافق الشرب ، ويختار ذلك ، والأخرى ماؤها ما يوافق الاغتسال ، وهو دونه في البرودة على ما قاله أهل التأويل عامة كقوله عز وجل : { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } [ القصص : 73 ] وإنما السكون في ما يسكن ، وهو الليل ، والابتغاء بالنهار .
وجائز أن تكون العين واحدة . إلا أنه لما اغتسل منها كان ماؤها ما يوافق الاغتسال ، ولما شرب منها كان ماؤها ما يوافق الشرب .
قال بعض أهل التأويل : كان به البلاء بظاهر الجسد وبباطنه ؛ فما كان بظاهره ذهب بالاغتسال ، وما كان بباطنه ذهب الشرب ، والله أعلم .
ثم قوله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم { واذكر عبدنا أيوب } أي : اذكر صبره على البلاء من الله عز وجل بأنواع الشدائد والبلايا ، فاصبر أنت إذا ابتليت بشيء من البلايا .
على ذلك يخرج جميع ما ذكر في هذه السورة ، وأمره أن يذكرهم بالذي ابتلاهم من الشدائد أن كيف صبروا له على ذلك . ومن امتحنهم بالسعة والملك أمره أن يذكرهم أن كيف شكروا ربهم ، وأطاعوه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.