السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ لَمۡ يَعۡرِفُواْ رَسُولَهُمۡ فَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ} (69)

ثالثها : أنّ لا يكونوا عالمين بأمانته وحسن حاله قبل ادعائه النبوّة ، وهو المراد من قوله تعالى : { أم لم يعرفوا رسولهم } أي : الذي أتاهم بهذا القول الذي لا قول مثله ، وهم يعرفون نسبه وصدقه وأمانته ، وما جاءهم به من معالي الأخلاق حتى أنهم لا يجدون فيه إذا تحققت الحقائق نقيصة يذكرونها ولا وصمة يستحلونها كما دلت عليه الأحاديث الصحاح منها حديث أبي سفيان بن حرب الذي في أول البخاري في سؤال هرقل ملك الروم له عن شأنه صلى الله عليه وسلم وقد اتفقت كلمتهم بتسميته الأمين { فهم } أي : فتسبب عن جهلهم به أنهم { له } أي : نفسه أو القول الذي أتى به { منكرون } فيكونوا ممن جهل الحق لجهل حال الآتي به ، وفي هذا غاية التوبيخ لهم بجهلهم وبغباوتهم بأنهم يعرفون أنه أصدق الخلق وأعلاهم في كل معنى جميل ، ثم كذبوه .