السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِيكُمۡ إِلَٰهٗا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (140)

{ قال } موسى عليه السلام مجيباً لهم على سبيل الإنكار عليهم والتعجب { أغير الله أبغيكم إلهاً } وأصله : أبغي لكم أي : أطلب لكم معبوداً { وهو } أي : والحال أنه هو وحده { فضلكم على العالمين } إذ الإله ليس شيئاً يطلب ويلتمس ويتخذ بل الإله هو الذي يكون قادراً على الإنعام بالإيجاد وإعطاء الحياة وجميع النعم فهذا الموجود هو الإله الذي يجب على الخلق عبادته فكيف يجوز العدول عن عبادته إلى عبادة غيره وفي تفضيلهم على العالمين قولان : الأوّل : أنه تعالى فضلهم على عالمي زمانهم إلا ما يخصه العقل من الأنبياء والملائكة ، والثاني : أنه تعالى خصهم بتلك الآيات القاهرة ولم يحصل مثلها لأحد من العالمين وإن كان غيرهم فضلهم بسائر الخصال مثاله : رجل يعلم علماً واحداً وآخر يعلم علوماً كثيرة سوى ذلك العلم فصاحب العلم الواحد مفضل على صاحب العلوم الكثيرة بذلك العلم في الحقيقة .