الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِيكُمۡ إِلَٰهٗا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (140)

قوله تعالى : { أَغَيْرَ اللَّهِ } : الهمزةُ للإِنكار والتوبيخ . وفي نصب " غير " وجهان أحدُهما : أنه مفعولٌ به ل " أبغيكم " على حَذْفِ اللام تقديره : أبغي لكم غيرَ الله ، أي : أَطْلُبُ لكم . فلمَّا حذف الحرف وصل الفعل بنفسه ، وهو غيرُ منقاس . وفي " إلهاً " على هذا وجهان أحدُهما : وهو الظاهر أنه تمييز ل " غير " . والثاني : أنه حالٌ ، ذكره الشيخ وفيه نظر . والثاني من وجهي " غير " : أنه منصوب على الحال من " إلهاً " ، و " إلهاً " هو المفعول به ل " أَبْغيكم " على ما تقرَّر ، والأصل : أبغي لكم إلهاً غير الله ، ف " غير الله " صفةٌ ل " إله " فلما قُدِّمَتْ صفةُ النكرةِ عليها نُصِبت حالاً . وقال ابن عطية : " وغير منصوبة بفعل مضمر ، هذا هو الظاهر ، ويجوز أن يكون حالاً " ، وهذا الذي ذكره من إضمار الفعل لا حاجةَ غليه ، فإن أراد أنه على الاشتغال فلا يَصِحُّ ؛ لأنَّ شرطَه أن يعمل المفسِّر في ضمير الأول أو سببيِّه .

قوله : { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ } يجوز أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال : إمَّا من " الله " وإمَّا من المخاطبين ، لأن الجملةَ مشتملةٌ على كلٍ من ضميرَيْهما ، ويجوز أن لا يكونَ لها محلٌّ لاستئنافها .