إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

{ وإبراهيم } نُصب بالعطفِ على نوحاً ، وقيل : بإضمارِ أذكُر . وقرئ بالرَّفع على تقديرِ ومن المرسلينَ إبراهيمُ { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } على الأولِ ظرفٌ للإرسالِ أي أرسلناه حينَ تكامل عقلُه وقدر على النَّظرِ والاستدلال وترقى من رُتبة الكمال إلى درجة التَّكميلِ حيث تصدَّى لإرشادِ الخلقِ إلى طريق الحقِّ . وعلى الثَّاني بدلُ اشتمالٍ من إبراهيمَ { اعبدوا الله } أي وحدَه { واتقوه } أن تُشركُوا به شيئاً { ذلكم } أي ما ذُكر من العبادةِ والتَّقوى { خَيْرٌ لَّكُمْ } أي ممَّا أنتُم عليه . ومعنى التَّفضيل مع أنَّه لا خيريةَ فيه قطعاً باعتبارِ زعمِهم الباطلِ { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي الخيرَ والشرَّ وتُميزون أحدَهما من الآخرِ أو إنْ كنتُم تعلمون شيئاً من الأشياءِ بوجهٍ من الوجوهِ فإنَّ ذلك كافٍ في الحكمِ بخيريةِ ما ذُكر من العبادةِ والتَّقوى .