إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (19)

{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئ الله الخلق } كلامٌ مُستأنفٌ مسوقٌ من جهتِه للإنكارِ على تكذيبهم بالبعث معَ وضوحِ دليلِه وسنوحِ سبيلِه . والهمزةُ لإنكارِ عدمِ رؤيتهم الموجبِ لتقريرها والواوُ للعطفِ على مقدَّرٍ أي ألم ينظروا ولم يعلموا علماً جارياً مجرى الرؤيةِ في الجلاءِ والظُّهور كيفيةَ خلقِ الله تعالى الخلقَ ابتداءً من مادَّةٍ ومن غير مادَّةٍ أي قد علموا ذلك . وقرئ بصيغةِ الخطابِ لتشديدِ الإنكارِ وتأكيدِه . وقرئ يبدأُ وقوله تعالى : { ثُمَّ يُعِيدُهُ } عطفٌ على أو لم يَروا لا على يُبدئ لعدمِ وقوعِ الرُّؤية عليه فهو إخبارٌ بأنَّه تعالى يعيد الخلقَ قياساً على الإبداءِ ، وقد جُوِّز العطفُ على يُبدئ بتأويلها الإعادةِ بإنشائِه تعالى كل سنة مثلَ ما أنشأه في السَّنةِ السَّابقةِ من النبات والثمار وغيرِهما فإنَّ ذلك ممَّا يُستدلُّ به على صِحَّة البعثِ ووقوعه من غير رَيبٍ { إِنَّ ذلك } أي ما ذُكر من الإعادة { عَلَى الله يَسِيرٌ } إذ لا يفتقر فعلُه إلى شيءٍ أصلاً .