إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (17)

{ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أوثانا } بيانٌ لبطلانِ دينِهم وشرِّيته في نفسِه بعد بيانِ شرِّيته بالنَّسبةِ إلى الدِّينِ الحقِّ أي إنَّما تعبدونَ من دُونه تعالى أوثاناً هي في نفسِها تماثيلُ مصنوعةٌ لكم ليس فيها وصفٌ غير ذلك { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } أي وتكذبون كذباً حيثُ تسمُّونها آلهةً وتدَّعون أنَّها شفعاؤكم عندَ الله تعالى أو تعملونَها وتنحتونَها للإفكِ . وقرئ تخلقُون بالتَّشديدِ للتكثيرِ في الخلقِ بمعنى الكذبِ والافتراءِ وتخلقُون بحذفِ إحدى التَّاءينِ من تخلَّق بمعنى تكذَّبَ وتخرَّص . وقرئ أَفِكاً على أنَّه مصدرٌ كالكذِب واللَّعِب . أو نعتٌ بمعنى خلقاً ذا إفكٍ { إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } بيانٌ لشرِّيةِ ما يعبدونَه من حيثُ إنَّه لا يكادُ يجُديهم نفعاً { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } أي لا يقدرونَ على أنْ يرزقوكَم شيئاً من الرِّزقِ { فابتغوا عِندَ الله الرزق } كلَّه فإنَّه هو الرزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المتينِ { واعبدوه } وحدَهُ { واشكروا لَهُ } على نعمائِه متوسِّلين إلى مطالبِكم بعبادتِه مقيدين بالشُّكرِ للعتيدِ ومستجلبينَ للمزيدِ . { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } بالموتِ ثمَّ بالبعثِ لا إلى غيرِه فافعلُوا ما أمرتُكم به . وقرئ تَرجعون من رَجَع رُجوعاً .