جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (88)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ فَأَنّىَ تُسْحَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا امحمد : من بيده خزائن كلّ شيء ؟ كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ قال : خزائن كلّ شيء .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن مجاهد ، في قول الله : قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ قال : خزائن كلّ شيء .

وقوله : وَهُوَ يُجِيرُ من أراد ممن قصده بسوء . وَلا يُجارُ عَلَيْهِ يقول : ولا أحد يمتنع ممن أراده هو بسوء فيدفع عنه عذابه وعقابه . إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ من ذلك صفته ، فإنهم يقولون : إن ملكوت كلّ شيء والقدرة على الأشياء كلها لله . فقل لهم يا محمد : فَأنّى تُسْحَرُونَ يقولون : فمن أيّ وجه تُصْرَفون عن التصديق بآيات الله والإقرار بأخباره وأخبار رسوله والإيمان بأن الله القادر على كل ما يشاء وعلى بعثكم أحياء بعد مماتكم ، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته ؟

وكان ابن عباس فيما ذُكر عنه يقول في معنى قوله تُسْحَرُونَ ما :

حدثني به عليّ ، قال : حدثنا عبد الله قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَأنّى تُسْحَرُونَ يقول : تكذبون .

وقد بيّنت فيما مضى السّحْر : أنه تخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ما هو به من هيئته ، فذلك معنى قوله : فَأنّى تُسْحَرُونَ إنما معناه : فمن أيّ وجه يُخَيلّ إليكم الكذب حقّا والفاسد صحيحا ، فتصرفون عن الإقرار بالحقّ الذي يدعوكم إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (88)

ثم وقف على { ملكوت كل شيء } وفي الإقرار بهذا التزام كل ما تقع به الغلبة في الاحتجاج .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (88)

قد عرفت آنفاً نكتة تكرير القول .

والملكوت : مبالغة في الملك بضم الميم . فالملكوت : الملك المقترن بالتصرف في مختلف الأنواع والعوالم لذلك جاء بعده { كل شيء } .

واليد : القدرة . ومعنى { يجير } يغيث ويمنع من يشاء من الأذى . ومصدره الإجارة فيفيد معنى الغلبة ، وإذا عدي بحرف الاستعلاء أفاد أن المجرور مغلوب على أن لا ينال المجارَ بأذى فمعنى { لا يجار عليه } لا يستطيع أحد أن يمنع أحداً من عقابه . فيفيد معنى العزة التامة .

وبني فعل { يجار عليه } للمجهول لقصد انتفاء الفعل عن كل فاعل فيفيد العموم مع الاختصار .

ولما كان تصرف الله هذا خفياً يحتاج إلى تدبر العقل لإدراكه عُقب الاستفهام بقوله : { إن كنتم تعلمون } كما عقب الاستفهام الأول بمثله حثاً لهم على علمه والاهتداء إليه .

ثم عقب بما يدل على أنهم إذا تدبروا علموا فقيل { سيقولون لله } .