السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (88)

ثالثها قوله : { قل } أمره الله تعالى بعدما قرّرهم بالعالمين العلوي والسفلي أن يقرّرهم بما هو أعم وأعظم وهو قوله تعالى : { من بيده } أي : من تحت قدرته ومشيئته { ملكوت كل شيء } من إنس وجن وغيرهما ، والملكوت : الملك البليغ ، قال ابن الأثير : كانت العرب إذا كان السيد فيهم أجار أحداً لا يخفر جواره ، وليس لمن دونه أن يجير عليه لئلا يعاب عليه ، ولو أجار ما أفاد ، ولهذا قال تعالى : { وهو يجير } أي : يمنع ويغيث من شاء فيكون في حرز لا يقدر أحد على الدنو من ساحته { ولا يجار عليه } أي : ولا يمكن أحداً أبداً أن يجير جواراً يكون مستعلياً عليه بأن يكون على غير مراده بل يأخذ من أراد وإن نصره جميع الخلائق ويعلي من أراد وإن تحاملت عليه كل المصائب فتبين كالشمس أنه لا شريك يمانعه ولا ولد يضارعه ، وأنه السيد العظيم الذي لا أعظم منه ، الذي له الخلق والأمر ولا معقب لحكمه وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ثم ألهبهم إلى المبادرة إلى الاعتراف به وهيجهم بقوله تعالى : { إن كنتم تعلمون } أي : في عداد من يعلم ،