جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَرَاغَ عَلَيۡهِمۡ ضَرۡبَۢا بِٱلۡيَمِينِ} (93)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوَاْ إِلَيْهِ يَزِفّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فمال على آلهة قومه ضربا لها باليمين بفأس في يده يكسرهنّ ، كما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما خلا جعل يضرب آلهتهم باليمين .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك ، فذكر مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبا باليَمِينِ فأقبل عليهم يكسرهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ثم أقبل عليهم كما قال الله ضربا باليمين ، ثم جعل يكسرهنّ بفأس في يده .

وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك بمعنى : فراغ عليهم ضربا بالقوّة والقدرة ، ويقول : اليمين في هذا الموضع : القوّة : وبعضهم كان يتأوّل اليمين في هذا الموضع : الحلف ، ويقول : جعل يضربهنّ باليمين التي حلف بها بقوله : وَتاللّهِ لأَكِيدَنّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلّوا مُدْبِرِينَ .

وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله : «فَرَاغَ عَلَيْهِمْ صَفْقا باليَمِينِ » . ورُوي نحو ذلك عن الحسن .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله الجُشَمِي ، قال : سمعت الحسن قرأ : «فَرَاغَ عَلَيْهِمْ صَفْقا باليَمِينِ » : أي ضربا باليمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَرَاغَ عَلَيۡهِمۡ ضَرۡبَۢا بِٱلۡيَمِينِ} (93)

ثم مال عند ذلك إلى ضرب تلك الأصنام بفأس حتى جعلها جذاذاً واختلف في معنى قوله { باليمين } فقال ابن عباس : أراد يمنى يديه ، وقيل : أراد بقوته لأنه كان يجمع يديه معاً بالفأس ، وقيل أراد يمين القسم في قوله { وتالله لأكيدن أصنامكم }{[2]} [ الأنبياء : 57 ] و { ضرباً } نصب على المصدر بفعل مضمر من لفظه ، وفي مصحف عبد الله عليهم «صفعاً باليمين » .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.