جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ} (23)

وقوله : إلاّ مَنْ تَوَلّى وكَفَرَ يتوجّه لوجهين : أحدهما : فذكّر قومك يا محمد ، إلا من تولّى منهم عنك ، وأعرض عن آيات الله فكفر ، فيكون قوله «إلا » استثناء من الذين كان التذكير عليهم ، وإن لم يذكروا ، كما يقال : مضى فلان ، فدعا إلا من لا تُرْجَى إجابته ، بمعنى : فدعا الناس إلا من لا تُرْجَى إجابته . والوجه الثاني : أن يجعل قوله : إلاّ مَنْ تَوَلّى وكَفَرَ منقطعا عما قبله ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : لست عليهم بمسيطر ، إلا من تولى وكفر ، يعذّبه الله ، وكذلك الاستثناء المنقطع يمتحن بأن يحسن معه إن ، فإذا حسنت معه كان منقطعا ، وإذا لم تحسن كان استثناء متصلاً صحيحا ، كقول القائل : سار القوم إلا زيدا ، ولا يصلح دخول إن ها هنا لأنه استثناء صحيح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ} (23)

وقوله تعالى : { إلا من تولى وكفر } قال بعض المتأولين الاستثناء متصل والمعنى { إلا من تولى } فإنك مصيطر عليه فالآية على هذا لا نسخ فيها وقال آخرون منهم ، الاستثناء منفصل ، والمعنى { لست عليهم بمصيطر } وتم الكلام ، وهي آية موادعة منسوخة بالسيف ثم قال { إلا من تولى وكفر فيعذبه الله } ، وهذا هو القول الصحيح لأن السورة مكية ، والقتال إنما نزل بالمدينة ، و { من } بمعنى الذي . وقرأ ابن عباس ، وزيد بن أسلم ، وقتادة ، وزيد بن علي : ( ألا نت تولى ) بفتح الهمزة ، على معنى استفتاح الكلام ، و [ من ] –على هذه القراءة- شرطية .