جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

وقوله : لاَ يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءِ الخَيرِ يقول تعالى ذكره : لا يملّ الكافر بالله من دعاء الخير ، يعني من دعائه بالخير ، ومسألته إياه ربّه . والخير في هذا الموضع : المال وصحة الجسم ، يقول : لا يملّ من طلب ذلك وَإنْ مَسّهُ الشّرّ يقول : وإن ناله ضرّ في نفسه من سُقم أو جهد في معيشته ، أو احتباس من رزقه فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ يقول : فإنه ذو يأس من روح الله وفرجه ، قنوط من رحمته ، ومن أن يكشف ذلك الشرّ النازل به عنه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ لا يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءِ الخَيْرِ يقول : الكافر وَإنْ مَسّهُ الشّرّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ : قانط من الخير .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لا يَسأَمُ الإنْسانُ قال : لا يملّ . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله : «لا يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءٍ بالخَيْرِ » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

{ لا يسأم الإنسان } لا يمل . { من دعاء الخير } من طلب السعة في النعمة ، وقرئ " من دعاء بالخير " . { وإن مسه الشر } الضيقة . { فيؤوس قنوط } من فضل الله ورحمته وهذا صفة الكافر لقوله : { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } وقد يولغ في يأسه من جهة البنية والتكرير وما في القنوط من ظهور أثر اليأس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

وقوله تعالى : { لا يسئم الإنسان } آيات نزلت في كفار قريش ، قيل في الوليد بن المغيرة ، وقيل في عتبة بن ربيعة ، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقاً ربما شارك فيها{[10094]} بعض المؤمنين . و : { دعاء الخير } إضافته المصدر إلى المفعول ، والفاعل محذوف تقديره : من دعاء الخير هو . وفي مصحف ابن مسعود : «من دعاء بالخير »{[10095]} . و { الخير } في هذه الآية : المال والصحة ، وبذلك تليق الآية بالكافر ، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمن ، وأما اليأس والقنط{[10096]} على الإطلاق فمن صفة الكافر وحده .


[10094]:الخلق مؤنثة، لأنها حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية. (مجمع اللغة العربية).
[10095]:هكذا أيضا في البحر المحيط، وقد أكده حين قال: بإدخال الباء على الخير،أما القرطبي فقد قال: وفي قراءة عبد الله: (لا يسأم الإنسان من دعاء المال).
[10096]:في اللسان: (قنط يقنط ويقنط قنوطا، مثل جلس يجلس جلوسا، وقنط قنطا... وفيه لغة ثالثة قنط يقنط قنطا، مثل تعب يتعب تعبا)، فالقنط - على هذا- كصدر مثل القنوط.