جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي} (27)

وقوله : " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي " يقول : وأطلق لساني بالمنطق ، وكانت فيه فيما ذكر عُجمة عن الكلام الذي كان من إلقائه الجمرة إلى فيه يوم همّ فرعون بقتله . ذكر الرواية بذلك عمن قاله :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : " عُقْدَةً مِنْ لِسانِي " قال : عجمة لجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون ، تردّ به عنه عقوبة فرعون ، حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل ، فقال : هذا عدوّ لي ، فقالت له : إنه لا يعقل .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي " لجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون ، تدرأ به عنه عقوبة فرعون ، حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل ، فقال : هذا عدوّ لي ، فقالت له : إنه لا يعقل ، هذا قول سعيد بن جبير .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جرَيج ، عن مجاهد ، قوله : " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي " قال : عجمة الجمرة نار أدخلها في فيه ، عن أمر امرأة فرعون تردّ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ بلحيته .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : لما تحرّك الغلام ، يعني موسى ، أورته أمه آسية صبيا ، فبينما هي ترقصه وتلعب به ، إذ ناولته فرعون ، وقالت : خذه فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها ، فقال فرعون : عليّ بالذباحين ، قالت آسية : لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أنْ يَنْفَعَنا أوْ نَتّخِذَهُ وَلَدا إنما هو صبيّ لا يعقل ، وإنما صنع هذا من صباه ، وقد علمتَ أنه ليس في أهل مصر أحلى منى أنا أضع له حليا من الياقوت ، وأضع له جمرا ، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه ، وإن أخذ الجمر فإنما هو صبيّ فأخرجت له ياقوتها ووضعت له طستا من جمر ، فجاء جبرائيل صلى الله عليه وسلم ، فطرح في يده جمرة ، فطرحها موسى في فيه ، فأحرقت لسانه ، فهو الذي يقول الله عزّ وجلّ " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلي " ، فزالت عن موسى من أجل ذلك .