إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي} (27)

{ واحلل عُقْدَةً مّن لّسَانِي } روي أنه كان في لسانه عليه الصلاة والسلام رُتّةٌ{[536]} من جمرة أدخلها فاه في صغره ، وذلك أن فرعون حمله ذاتَ يوم فأخذ لحيتَه فنتفها لما كان فيها من الجواهر فغضب وأمر بقتله ، فقالت آسيةُ : إنه صبيٌّ لا يفرق بين الجمر والياقوت فأُحضِرا بين يديه فأخذ الجمرةَ فوضعها في فيه ، قيل : واحترقت يده فاجتهد فرعونُ في علاجها فلم تبرأ . ثم لما دعاه قال : إلى أي ربّ تدعوني ؟ قال : إلى الذي أبرأ يدي وقد عَجزْتَ عنه ، واختلف في زوال العُقدة بكمالها فمن قال به تمسك بقوله تعالى : { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ } ومن لم يقل به احتج بقوله تعالى : { هُوَ أَفْصَحُ مِنّي } وقوله تعالى : { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } وأجاب عن الأول بأنه لم يسأل حلَّ عُقدة لسانه بالكلية بل حلَّ عقدةٍ تمنع الإفهام ولذلك نكرّها ووصفها بقوله : { مّن لّسَانِي } أي عقدةً كائنة من عُقَد لساني .


[536]:الرتة: العجمة في اللسان، وهي اللثغة والتردد في النطق.