جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ} (48)

وقوله : وَإذَا قِيلَ لهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء المجرمين المكذّبين بوعيد الله أهل التكذيب به : اركعوا ، لا يركعون .

واختلف أهل التأويل في الحين الذي يقال لهم فيه ، فقال بعضهم : يقال ذلك في الاَخرة حين يُدْعون إلى السجود فلا يستطيعون . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ يقول : يُدْعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا .

وقال آخرون : بل قيل ذلك لهم في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ عليكم بحسن الركوع ، فإن الصلاة من الله بمكان . وقال قتادة عن ابن مسعود ، أنه رأى رجلاً يصلي ولا يركع ، وآخر يجرّ إزاره ، فضحك ، قالوا : ما يُضحكك ؟ قال : أضحكني رجلان ، أما أحدهما فلا يقبل الله صلاته ، وأما الاَخر فلا ينظر الله إليه .

وقيل : عُنِي بالركوع في هذا الموضع الصلاة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَإذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ قال : صَلّوا .

وأولى الأقوال في ذلك أن يقال : إن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم المجرمين أنهم كانوا له مخالفين في أمره ونهيه ، لا يأتمرون بأمره ، ولا ينتهون عما نهاهم عنه .