قوله تعالى : { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا لاَ يَرْكَعُونَ } وهذا نوع آخر من أنواع تخويف الكفار ، أي : إذا قيل لهؤلاء المشركين : " اركعوا " أي : صلوا " لا يركعون " أي : لا يصلون . قاله مجاهد{[59085]} .
قال مقاتل : نزلت في ثقيف ، حين امتنعوا من الصلاة فنزلت فيهم{[59086]} .
قال مقاتل : قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : أسْلِمُوا وأمرهم بالصلاة ، فقالوا : لا نَنْحَنِي ، فإنها مَسبَّة علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا خَيْرَ فِي دِينٍ ليس فيهِ رُكوعٌ ولا سجُودٌ »{[59087]} .
وقال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود{[59088]} فلا يستطيعون .
وقال قتادة : هذا في الدنيا{[59089]} .
قال ابن العربي : هذه الآية تدلّ على وجوب الركوع ، وكونه ركناً في الصلاة ، وقد انعقد الإجماع عليه .
وقال قوم : إن هذا إنما يكون في الآخرة ، وليست بدار تكليف فيتوجه فيها أمر يكون عليه ويل وعقاب ، وإنما يدعون إلى السجود كشفاً لحال الناس في الدنيا ، فمن كان يسجد لله تمكن من السجود ، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقاً واحداً .
وقيل : إذا قيل لهم : اخضعوا للحق لا يخضعون ، فهي عامّة في الصلاة وغيرها ، وإنما ذكره الصلاة لأنها أصل الشرائع بعد التوحيد ، والأمر بالصلاة أمر الإيمان لا يصح من غير إيمان .
حكى ابن الخطيب{[59090]} عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن المراد بقوله : { وإذا قيلَ لهم اركعُوا لا يَرْكعُونَ } هو الصلوات ، قال : وهذا ظاهر ، لأن الركوع من أركانها فبين أن هؤلاء الكفار من صفتهم أنهم إذا دعوا إلى الصلاة لا يصلون ، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة{[59091]} ، وأنهم حال كفرهم يستحقُّون الذم والعقاب بترك الصلاة ، لأن الله - تعالى - ذمهم حال كفرهم على ترك الصلاة .
استدلوا بهذه الآية على أن الأمر للوجوب ، لأن الله - تعالى - ذمهم بمحمود ترك المأمور به ، وهذا يدل على أن مجرد الأمر للوجوب .
فالجواب : أنه - تعالى - ذمهم على كفرهم من وجوه ، إلا أنه - تعالى - إنما ذمهم في هذه الآية لترك المأمور به ؛ فدل على أن ترك المأمور به غير جائز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.