التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

وقوله : { إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين } كلام مستأنف جار مجرى التعليل للنهي عن طاعته ، والأساطير جمع أسطورة بمعنى أكذوبة .

أي : لا تطعه - لأنه فضلا عما اتسم به من صفات قبيحة - تراه إذا تتلى عليه آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا . . وعلى صدقك يا محمد فيما تبلغه عنا ، قال هذا العتل الزنيم ، هذه الآيات أكاذيب الأولين وترهاتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

قوله : { إذا تتلى عليه } الآية ، وجاز أن يعمل المعنى وهو متأخر من حيث كان قوله : { أن كان } في منزلة الظرف ، إذ يقدر باللام ، أي لأن كان ، وقد قال فيه بعض النحاة : إنه في موضع خفض باللام ، كما لو ظهرت ، فكما يعمل المعنى في الظرف المتقدم ، فكذلك يعمل في هذا ، ومنه قوله تعالى :

{ ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد }{[11244]} [ سبأ : 7 ] . فالعامل في : { إذا } [ سبأ : 7 ] ، معنى قوله : { إنكم لفي خلق جديد } [ سبأ : 7 ] ، أي تبعثون ، ونحوه من التقدير ، ولا يجوز أن يعمل : { تتلى } في { إذا } لأنه مضاف إليه ، وقد أضيف { إذا } إلى الجملة ، ولا يجوز أن يعمل في { أن } ، قال لأنها جواب { إذا } ، ولا تعمل فيما قبلها . وأجاز أبو علي أن يعمل فيه { عتل } وإن كان قد وصف{[11245]} ، ويصح على هذا النظر أن يعمل فيه { زنيم } لا سيما على قول من يفسره بالقبيح الأفعال ، ويصح أن يعمل في { أن كان } ، تطيعه التي يقتضيها قوله : { ولا تطع } [ القلم : 10 ] . وهذا على قراءة الاستفهام يبعد ، وإنما يتجه لا تطعه لأجل كونه كذا ، و { أن كان } ، على كل وجه ، مفعول من أجله وتأمل . وقد تقدم القول في الأساطير في غير ما موضع .


[11244]:من الآية 7 من سورة سبأ.
[11245]:قال أبو حيان في البحر المحيط: "وهذا قول كوفي ولا يجوز ذلك عند البصريين".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

يتعلق قوله : { أن كان ذا مال وبنين } بفعل { قَال } بتقدير لام التعليل محذوفة قبل { أنْ } ، وهو حذف مطرد تعلق بذلك الفعل ظرف هو { إذا تتلى } ومجرور هو { أن كان ذا مال } ، ولا بدع في ذلك وليست { إذا } بشرطية هنا فلا يهولنك قولهم : إن ( مَا ) بعد الشرط لا يعمل فيما قبله ، على أنها لو جعلت شرطية لما امتنع ذلك لأنهم يتوسعون في المجرورات ما لا يتوسعون في غيرها وهذا مجرور باللام المحذوفة .

والمراد : كل من كان ذا مال وبنين من كبراء المشركين كقوله تعالى : { وذَرْني والمكذبين أولِي النعمة } [ المزمل : 11 ] . وقيل : أريد به الوليد بن المغيرة إذ هو الذي اختلق أن يقول في القرآن { أساطير الأولين } وقد علمت ذلك عند تفسير قوله تعالى : { ولا تطِعْ كلّ حلاّف مهين } [ القلم : 10 ] . وكان الوليد بن المغيرة ذا سعة في المال كثير الأبناء وهو المعنيُّ بقوله تعالى : { ذرني ومن خلقتُ وحيداً وجعلتُ له مالاً ممدوداً وبنينَ شهوداً } إلى قوله : { إن هذا إلاّ قول البشر } [ المدثر : 1125 ] . والوجه أن لا يختص هذا الوصف به . وأن يكون تعريضاً به .

والأساطير : جمع أسطورة وهي القصة ، والأسطورة كلمة معربة عن الرومية كما تقدم عند قوله تعالى : { يقول الذين كفروا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } في الأنعام ( 25 ) وقوله : { وَإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأولين } في سورة النحل ( 24 ) .

وختمت الأوصاف المحذر عن إطاعة أصحابها بوصف التكذيب ليُرجع إلى صفة التكذيب التي انتُقل الأسلوب منها من قوله : { فلا تطع المكذبين } [ القلم : 8 ] .

وقرأ الجمهور { أنْ كان ذا مال } بهمزة واحدة على أنه خبر . وقرأه حمزة وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بهمزتين مخففتين فهو استفهام إنكاري . وقرأه ابن عامر بهمزة ومَدَّة بجعل الهمزة الثانية ألفاً للتخفيف .