التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ قَالَ يَـٰٓـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكٖ لَّا يَبۡلَىٰ} (120)

ثم بين - سبحانه - أن آدم - عليه السلام - مع هذه النصائح والتحذيرات لم يستطيع أن يستمر على الاستجابة لنهى ربه إياه عن الأكل من الشجرة ، بل تغلب عليه ضعفه فاستمع إلى مكر الشيطان ، قال - تعالى - : { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشيطان قَالَ ياآدم هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى } .

والوسوسة : الخطرة الرديئة ، وأصلها من الوسواس ، وهو صوت الحلى ، والهمس الخفى . والوسواس - بكسر الواو الأولى - مصدر وبفتحها الاسم وهو من أسماء الشيطان ، كما قال - تعالى - : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس مَلِكِ الناس إله الناس مِن شَرِّ الوسواس الخناس الذى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس مِنَ الجنة والناس } ويقال : وسوس فلان إلى فلان ، أى : أوصلها إليه ، ووسوس له ، أى : من أجله . أى فأوصل الشيطان وسوسته إلى آدم ، وأنهاها إليه ، بأن قال له : يا آدم ، هل أدلك على الشجرة التى من أكل منها عاش مخلدا لا يدركه الموت وصار صاحب ملك لا يفنى ، ولا يصبح باليا ابدا .

وناداه باسمه ، ليكون أكثر إقبالا عليه ، وأمكن فى الاستماع إليه .

وعرض عليه ما عرض فى صورة الاستفهام الذى بمعنى الحث والحض ، ليشعره بأنه ناصح له وحريض على مصلحته ومنفعته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ قَالَ يَـٰٓـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكٖ لَّا يَبۡلَىٰ} (120)

و «وسوسة الشيطان » قيل كانت دون مشافهة ، إلقاء في النفس ، وقيل بل كان بالمشافهة والمخاطبة وهو ظاهر القصة من غير ما موضع وكان دخوله إلى الجنة فيما روي في فم الحية ، وكان آدم عليه السلام قد قال الله تعالى له لا تأكل من هذه الشجرة وعين له شجرة قد تقدم الخلاف في جنسها فلما وصفها له إبليس بأنها { شجرة الخلد وملك لا يبلى } أي من أكلها كان ملكاً مخلداً عمد آدم إلى غير تلك التي نهي عنها من جنسها فأكلها بتأويل أن النهي كان في تلك المعينة ، وقيل بل تأول أن النهي إنما كان على الندب لا على التحريم البت ، وسارعت إلى ذلك حواء وكانت معه في النهي فلما رآها آدم قد أكلت أكل فطارت عنهما ثيابهما ، وظهر تبري الأشياء منهما وبدت سوءاتهما .