البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ قَالَ يَـٰٓـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكٖ لَّا يَبۡلَىٰ} (120)

وتقدم الكلام في { فوسوس } والخلاف في كيفيتها في الأعراف ، وتعدى وسوس هنا بإلى وفي الأعراف باللام ، فالتعدي بإلى معناه أنهى الوسوسة إليه والتعدّي بلام الجر ، قيل معناه : لأجله ولما وسوس إليه ناداه باسمه ليكون أقبل عليه وأمكن للاستماع ، ثم عرض عليه ما يلقى بقوله { هل أدلك } على سبيل الاستفهام الذي يشعر بالنصح .

ويؤثر قبول من يخاطبه كقول موسى { هل لك إلى أن تزكى } وهو عرض فيه مناصحة ، وكان آدم قد رغبه الله تعالى في دوام الراحة وانتظام المعيشة بقوله { فلا يخرجنكما } الآية ورغبة إبليس في دوام الراحة بقوله : { هل أدلك } فجاءه إبليس من الجهة التي رغبه الله فيها .

وفي الأعراف { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة } الآية .

وهنا { هل أدلك } والجمع بينهما أن قوله { هل أدلك } يكون سابقاً على قوله { ما نهاكما } لما رأى إصغاءه وميله إلى ما عرض عليه انتقل إلى الإخبار والحصر .

ومعنى { على شجرة الخلد } أي الشجرة التي مَن أكل منها خلد وحصل له ملك لا يخلق ، وهذا يدل لقراءة الحسن بن عليّ وابن عباس إلا أن تكونا ملكين بكسر اللام