التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ} (17)

ثم يعقب - سبحانه - على ذلك ببيان حال المؤمنين الصادقين فيقول : { والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } أى : هذا هو حال المنافقين ، وهذا هو الحكم الذى يناسبهم ، أما الذين اهتدوا إلى الحق ، واستجابوا له ، وخالطت بشاشته قلوبهم ، فهم الذين زادهم الله - تعالى - هداية على هدايتهم .

وزادهم علما وبصيرة وفقها فى الدين ، ومنحهم بفضله وإحسانه خلق التقوى والخشية منه ، والطاعة لأمره ، وكافأهم على ذلك بما يستحقون من ثواب جزيل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ} (17)

لما ذكر تعالى المنافقين بما هم أهله من قوله : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم } [ محمد : 16 ] عقب ذلك بذكر المؤمنين ليبين الفرق ، وشرفهم بإسناد فعل الاهتداء إليهم وهي إشارة إلى تكسبهم .

وقوله تعالى : { زادهم هدى } يحتمل أن يكون الفاعل في { زادهم } الله تعالى ، والزيادة في هذا المعنى تكون إما بزيادة التفهيم والأدلة ، وإما بورود الشرائع والنواهي والأخبار فيزيد الاهتداء لتزيد علم ذلك كله والإيمان به وذلك بفضل الله تعالى ، ويحتمل أن يكون الفاعل في : { زادهم } قول المنافقين واضطرابهم ، لأن ذلك مما يتعجب المؤمن منه ويحمد الله على إيمانه ، ويتزيد بصيرة في دينه ، فكأنه قال : المهتدون والمؤمنون زادهم فعل هؤلاء المنافقين هدى ، أي كانت الزيادة بسببه ، فأسند الفعل إليه ، وقالت فرقة : إن هذه الآية نزلت في قوم من النصارى ، آمنوا بمحمد فالفاعل في : { زادهم } محمد عليه السلام كان سبب الزيادة فأسند الفعل إليه . وقوله على هذا القول : { اهتدوا } يريد في إيمانهم بعيسى عليه السلام ثم { زادهم } محمد { هدى } حين آمنوا به . والفاعل في { آتاهم } يتصرف بحسب التأويلات المذكورة ، وأقواها أن الفاعل الله تعالى . { وآتاهم } معناه : أعطاهم ، أي جعلهم متقين له ، فالتقدير : تقواهم إياه . وقرأ الأعمش : «وأنطاهم تقواهم » ، وهي بمعنى أعطاهم ، ورواها محمد بن طلحة عن أبيه . وهي في مصحف عبد الله .