التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ} (66)

{ وَهُوَ الذي أَحْيَاكُمْ } أى : بعد أن كنتم أمواتا فى بطون أمهاتكم ، وقبل أن ينفخ بقدرته الروح فيكم . { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } أى : بعد انقضاء آجالكم فى هذه الحياة { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } أى : عند البعث والحساب .

{ إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ } أى : لكثير الجحود والكفران لنعم ربه التى لا تحصى .

فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أنواعا متعددة من الأدلة على قدرته - سبحانه - ، كما ذكرت ألوانا من نعمه على عباده ، ومن ذلك إنزال الماء من السماء فتصبح الأرض مخضرة بعد أن كانت يابسة . وتسخير ما فى الأرض للإنسان ، وتسخير الفلك لخدمته ومنفعته ، وإمساك السماء أن تقع على الأرض إلا بمشيئته - تعالى - وإيجادنا من العدم بقدرته ورحمته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ} (66)

{ وهو الذي أحياكم } بعد أن كنتم جمادا عناصر ونطفا . { ثم يمينكم } إذا جاء أجلكم . { ثم يحييكم } في الآخرة . { إن الإنسان لكفور } لجحود لنعم الله مع ظهورها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ} (66)

{ وهو الذي يميتكم ثم يحييكم }

بعد أن أُدمج الاستدلال على البعث بالمواعظ والمنن والتذكير بالنعم أُعيد الكلام على البعث هنا بمنزلة نتيجة القياس ، فذُكّر الملحدون بالحياة الأولى التي لا ريب فيها ، وبالإماتة التي لا يرتابون فيها ، وبأن بعد الإماتة إحياء آخر كما أخذ من الدلائل السابقة . وهذا محل الاستدلال ، فجملة { وَهُوَ الذى أَحْيَاكُمْ } [ الحج : 65 ] لأن صدر هذه من جملة النِعم فناسب أن تعطف على سابقتها المتضمنة امتناناً واستدلالاً كذلك .

{ إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ }

تذييل يجمع المقصد من تعداد نعم المُنعم بجلائل النعم المقتضية انفراده باستحقاق الشكر واعتراف الخلق له بوحدانية الربوبية .

وتوكيد الخبر بحرف ( إنّ ) لتنزيلهم منزلة المنكر أنهم كفراء .

والتعريف في { الإنسان } تعريف الاستغراق العرفي المؤذن بأكثر أفراد الجنس من باب قولهم : جمع الأمير الصاغة ، أي صاغة بلده ، وقوله تعالى : { فجمع السحرة لميقات يوم معلوم } [ الشعراء : 38 ] . وقد كان أكثر العرب يومئذ منكرين للبعث ، أو أريد بالإنسان خصوص المشرك كقوله تعالى : { ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حياً } [ مريم : 66 ] .

والكفور : مبالغة في الكافر ، لأنّ كفرهم كان عن تعنّت ومكابرة .

ويجوز كون الكفور مأخوذاً من كُفر النعمة وتكون المبالغةُ باعتبار آثار الغفلة عن الشكر ، وحينئذ يكون الاستغراق حقيقياً .