تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ} (66)

الآية 66 : وقوله تعالى : { وهو الذي أحياكم ثم يميتكم }هذا قد ذكرناه .

وقوله تعالى : { إن الإنسان لكفور } جائز أن يكون قوله : { إن الإنسان }أي الكافر{ لكفور } للبعث ، أي جاحد له . والكفور لربه في نعمه التي أنعمها عليهم حين{[13212]} ذكر أنه لهم في قوله : { سخر لكم }كذا ، لأنه ينظر في النعم إلى أسبابه والحيل التي يحتال لا إلى فضل ربه وأفضاله في تلك النعم . لذلك صار كفورا لربه في نعمه .

وأما المؤمن فإنه ليس ينظر إلى الأسباب والحيل فيها ، ولكن ينظر إلى فضل الله وإفضاله وإنعامه عليه فيها ، فيكون شكورا له فيها غير كفور . والكافر ينظر إلى ما ذكرت .

لذلك كان ما ذكرت على المعتزلة في قوله : { إن الإنسان لكفور }لأنه يقول : هذا الذي سخر الفلك ، وهم يقولون : لم يسخر الفلك ، ولكن إنما سخر الخشب ( الذي منه ){[13213]} تتخذ الفلك لأنهم لا يرون الله في فعل العباد تدبيرا ولا صنعا ، وهم يكفرون نعمة ربهم في ما ذكر من تسخير الفلك لنا ، وهم داخلون في ظاهر الآية على الوجه الذي ذكرنا .


[13212]:في الأصل وم :حيث.
[13213]:في الأصل وم :التي منها.