التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ} (45)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة . بتوجيه الخطاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، على سبيل التسلية والتكريم ، حيث أمره - سبحانه - بالإعراض عنهم ، لأنه - سبحانه - هو الذى سيتولى حسابهم وعقابهم . . . فقال - تعالى - : { فَذَرْهُمْ . . } .

الفاء فى قوله - سبحانه - : { فَذَرْهُمْ . . . } واقعة فى جواب شرط مقدر . أى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - فاتركهم فى طغيانهم يعمهون . .

{ حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ } أى : فدعهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم اليوم الذى فيه يموتون ويهلكون .

قال القرطبى : قوله { يُصْعَقُونَ } بفتح الياء قراءة العامة . وقرأ ابن عامر وعاصم بضمها . قال الفراء : هما لغتان : صَعِق وصُعِقَ مثل سَعِد وسُعِد . قال قتادة : يوم يموتون . وقيل : هو يوم بدر ، وقيل : يوم النفخة الأولى . وقيل : يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يزيل عقولهم . . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ} (45)

{ فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } وهو عند النفخة الأولى ، وقرئ " يلقوا " وقرأ ابن عامر وعاصم { يصعقون } على المبني للمفعول من صعقه أو أصعقه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ} (45)

ويجوز أن يكون الأمر في قوله : { فذرهم } مستعملاً في تهديدهم لأنهم يسمعونه حين يقرأُ عليهم القرآن كما يقال للذي لا يرعوي عن غيه : دعه فإنه لا يقلع .

وأفادت الغاية أنه يتركهم إلى الأبد لأنهم بعد أن يصعقوا لا تُعاد محاجتهم بالأدلة والآيات .

وقرأ الجمهور { يلاقوا } . وقرأه أبو جعفر { يَلْقوا } بدون ألف بعد اللام .

و « اليوم الذي فيه يصعقون » هو يوم البعث الذي يصعق عنده من في السماوات ومن في الأرض .

وإضافة اليوم إلى ضميرهم لأنهم اشتهروا بإنكاره وعرفوا بالذين لا يؤمنون بالآخرة . وهذا نظير النسب في قول أهل أصول الدين : فلان قدري ، يريدون أنه لا يؤمن بالقدر . فالمعنى بنسبته إلى القدر أنه يخوض في شأنه ، أو لأنه اليوم الذي أوعدوه ، فالإِضافة لأدنى ملابسة .

ونظيره قوله تعالى : { وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } [ الأنبياء : 103 ] .

والصعق : الإِغماء من خوف أو هلع قال تعالى : { وخر موسى صعقاً } [ الأعراف : 143 ] ، وأصله مشتق من الصاعقة لأن المصاب بها يُغمى عليه أو يموت ، يقال : صَعِق ، بفتح فكسر ، وصُعِق بضم وكسر .

وقرأه الجمهور { يصعقون } بفتح المثناة التحتية ، وقرأه ابن عامر وعاصم بضم المثناة .

وذلك هو يوم الحشر قال تعالى : { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه } [ الزمر : 68 ] ، وملاقاتهم لليوم مستعارة لوقوعه ، شُبه اليوم وهو الزمان بشخص غائب على طريقة المكنية وإثباتُ الملاقاة إليه تخييل . والملاقاة مستعارة أيضاً للحلول فيه ، والإتيان بالموصول للتنبيه على خطئهم في إنكاره .