التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (37)

ثم بين - سبحانه - الآثار التى تترتب على مقارنة الشيطان للإِنسان فقال : { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } .

والضمير فى { وَإِنَّهُمْ } يعود إلى الشيطان باعتبار جنسه ، وفى قوله - تعالى - { لَيَصُدُّونَهُمْ } يعود إلى { وَمَن } فى قوله { وَمَن يَعْشُ } باعتبار معناها .

أى : ومن يعرض عن طاعة الله ، نهيئ له شيطانا ، فيكون ملازما له ملازمة تامة ، وإن هؤلاء الشياطين وظيفتهم أنهم يصدرون هؤلاء الفاسقين عن ذكر الله - تعالى - ، وعن سبيله الحق وصراطه المستقيم .

{ وَيَحْسَبُونَ } أى : هؤلاء الكافرون { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } إلى السبيل الحق . فالضمائر فى قوله { وَيَحْسَبُونَ } وما بعده يعود إلى الكافرين .

ويصح أن يكون الضمير فى قوله { وَيَحْسَبُونَ } يعود إلى الكفار ، وفى قوله { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } يعود إلى الشيطان ، فيكون المعنى :

ويظن هؤلاء الكافرون أن الشيطان مهتدون إلى الحق ، ولذلك اتبعوهم وأطاعوهم

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (37)

{ وإنهم ليصدونهم عن السبيل } عن الطريق الذي من حقه أن يسبل ، وجمع الضميرين للمعنى إذ المراد جنس العاشي والشيطان المقيض له . { ويحسبون أنهم مهتدون } الضمائر الثلاثة الأول له والباقيان للشيطان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (37)

والضمير في قوله : { وإنهم } عائد على الشياطين . وفي : { يصدونهم } على الكفار . و : { السبيل } هي سبيل الهدى والفوز . والضمير في : { يحسبون } للكفار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (37)

في موضع الحال من الضمير في قوله { فهو له قرين } [ الزخرف : 36 ] أي مقارنةَ صد عن السبيل .

وضميرَا { إنهم } و ( يصدون ) عائدان إلى { شيطاناً } [ الزخرف : 36 ] لأنه لما وقع من متعلقات الفعل الواقع جواب شرط اكتسب العموم تبعاً لعموم مَن في سياق الشرط فإنها من صيغ العموم مثلُ النكرة الواقعة في سياق الشرط على خلاف بين أيمة أصول الفقه في عموم النكرة الواقعة في سياق الشرط ولكنه لا يجري هنا لأن عموم شيطاناً } تابع لعموم { مَن } إذ أجزاء جواب الشرط تجري على حكم أجزاء جملة الشرط ، فقرينة عموم النكرة هنا لا تترك مجالاً للتردد فيه لأجل القرينةِ لا لمطلق وقوع النكرة في سياق الشرط .

وضمير النصب في ( يصدونهم ) عائد إلى { مَن } لأنّ { مَنْ } الشرطية عامة فكأنه قيل : كلّ من يعشو عن ذكر الرحمان نقيّض لهم شياطين لكل واحد شيطان .

وضميرا { يحسبون أنهم مهتدون } عائدان إلى ما عاد إليه ضمير النصب من ( يصدونهم ) ، أي ويحسب المصدودون عن السبيل أنفسهم مهتدين .

وقد تتشابه الضمائر فتردّ القرينة كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس :

عُدْنا ولولا نحن أحدَقَ جمعُهم *** بالمسلمين وأحرزوا ما جمّعوا

فضمير : أحرزوا ، لجمع المشركين ، وضمير : جمعوا ، للمسلمين . وضمير الجمع في قوله تعالى : { وعمروها أكثر مما عمروها } في سورة الروم ( 9 ) .

والتعريف في { السبيل } تعريف الجنس . والسبيل : الطريق السابلة الممتدة الموصلة إلى المطلوب . وقد مُثلت حالة الذين يَعشُون عن ذكر الرحمان وحال مقارنة الشياطين لهم بحال من استهدى قوماً ليدلّوه على طريق موصل لبغيته فضللوه وصرفوه عن السبيل وأسلكوه في فيافي التيه غِشًّا وخديعة ، وهو يحسب أنه سائر إلى حيث يبلغ طلبته .

فجملة { ويحسبون أنهم مهتدون } معطوفة على جملة { وإنهم } ، فهي في معنى الحال من الضمير في قوله { فَهْو } [ الزخرف : 36 ] والرابط واو الحال ، والتقدير : ويحسب المصدودون أنهم مهتدون بهم إلى السبيل .

والاهتداء : العلم بالطريق الموصل إلى المقصود .