نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (37)

ولما كانت { من } عامة ، وكان القرين للجنس ، وأفرده لأنه نص على كل فرد ، فكان التقدير : فإنهم ليحملونهم على أنواع الدنايا ويفتحون لهم أبواب الرذائل والبلايا ، ويحسنون لهم ارتكاب القبائح والرزايا ، عطف عليه قوله مؤكداً لما في أنفس الأغلب - كما أشار إليه آخر الآية - أن الموسع عليه هو المهتدي ، جامعاً دلالة على كثرة الضال : { وإنهم } أي القرناء { ليصدونهم } أي العاشين { عن السبيل } أي الطريق الذي من حاد عنه هلك ، لأنه لا طريق في الحقيقة سواه .

ولما كانت الحيدة عن السبيل إلى غير سبيل ، بل إلى معاطب لا يهتدي فيها دليل ، عجباً ، أتبعه عجباً آخر فقال : { ويحسبون } أي العاشون مع سيرهم في المهالك لتزيين القرناء بإحضار الحظوظ والشهوات وإبعاد المواعظ : { أنهم مهتدون } أي عريقون في هذا الوصف لما يستدرجون به من التوسعة عليهم والتضييق على الذاكرين .