التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أنه لا يستوى الأعمى والبصير ، ومدح أولى الألباب بما هم أهله من مدح ، وذم أضدادهم بما يستحقون من ذم ، فقال - تعالى - :

{ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ . . . } .

قال الإمام الرازى : " قوله - تعالى - { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هُوَ أعمى . . . } إشارة إلى المثل المتقدم ذكره - في قوله - تعالى - { أَنْزَلَ مِنَ السماء مَآءً } وهو أن العالم بالشئ كالبصير ، والجاهل به كالأعمى ، وليس أحدهما كالآخر ، لأن الأعمى إذا أخذ يمشى من غير قائد ، فربما يقع في المهالك . . أما البصير فإنه يكون آمنا من الهلاك والإِهلاك .

والمراد بالأعمى هنا : الكافر الذي انطمست بصيرته ، فأصبح لا يفرق بين الحق والباطل .

والاستفهام للانكار والاستبعاد .

المعنى : أفمن يعلم أن ما أنزل إليك - أيها الرسول الكريم - من وحى هو الحق الذي يهدى للتى هي أقوم ، كمن هو أعمى القلب : مطموس البصيرة ؟ ؟

فالآية الكريمة تنفى بأبلغ أسلوب ، مساواة الذين علموا الحق فاتبعوه ، بمن جهلوه وأعرضوا عنه ، وصموا آذانهم عن سماعه .

وقوله { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب } مدح لأصحاب العقول السليمة ، الذين ذكروا بالحق فتذكروه ، وآمنوا به ، وتعليل لإِعراض الكافرين عنه ، ببيان أن سبب إعراضهم ، أنهم ليسوا أهلا للتذكر ، لأن التذكر إنما هو من شأن أولى الألباب .

والألباب : جمع لب وهو الخالص من كل شئ .

أى : إنما يتذكر وينتفع بالتذكير ، أصحاب العقول السليمة وهم المؤمنون الصادقون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

{ أفمن يعلم أنما أُنزل إليك من ربك الحق } فيستجيب . { كمن هو أعمى } عمى القلب لا يستبصر فيستجيب ، والهمزة لإنكار أن تقع شبهة في تشابههما بعدما ضرب من المثل . { إنما يتذكّر أولو الألباب } ذوو العقول المبرأة عن مشايعة الألف ومعارضة الوهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

وقوله : { أفمن يعلم } استفهام بمعنى التقرير ، والمعنى : أسواء من هداه الله فعلم صدق نبوتك وآمن بك ، ومن لم يهتد ولا رزق بصيرة فبقي على كفره ، فمثل عز وجل ذلك بالعمى .

وروي أن هذه الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب وأبي جهل بن هشام ، وقيل : في عمار بن ياسر وأبي جهل بن هشام ، وهي بعد هذا مثال في جميع العالم .

و { إنما } في هذه الآية حاصرة ، أي { إنما يتذكر } فيؤمن ويراقب الله من له لب وتحصيل .