التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ} (47)

ثم بين - سبحانه - أن أحدا لن يستطيع منع عقابه فقال : { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } .

أى : فما منكم من أحد - أيها المشركون - يستطيع أن يدفع عقابنا عنه ، أو يحول بيننا وبين ما نريده ، فالضمير فى " عنه " يعود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الآيات : التقول : افتعال القول ، كأن فيه تكلفا من المفتعل ، وسمى الأقوال المتقولة " أقاويلط تصغيراً بها وتحقيرا ، كقولك : الأعاجيب والأضاحيك ، كأنها جمع أفعولة من القول .

والمعنى : ولو ادعى علينا شيئا لم نقله لقتلناه صبرا ، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم .

معالجة بالسخط والانتقام ، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول ، وهو أن يؤخذ بيده ، وتضرب رقبته .

وخص اليمين عن اليسار ، لأن القاتل إذا أراد أن يوقع الضرب فى قفا المقتول أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه فى جيده وأن يكفحه بالسيف - وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف - أخذ بيمينه .

ومعنى : { لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين } : لأخذنا بيمينه . كما أن قوله : { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين } : لقطعنا وتينه ، والوتين : نياط القلب ، وهو حبل الوريد ، إذا قطع مات صاحبه .

وفى هذه الآيات الكريمة أقوى الأدلة على أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - لأنه لو كان - كما زعم الزاعمون أنه من تأليف الرسول صلى الله عليه وسلم لما نطق بهذه الألفاظ التى فيها ما فيها من تهديده ووعيده .

كما أنها كذلك فيها إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يتقول شيئا . . وإنما بلّغ هذا القرآن عن ربه - عز وجل - دون أن يزيد حرفا أو ينقص حرفا . . لأن حكمة الله - تعالى - قد اقتضت أن يهلك كل من يفترى عليه الكذب ، ومن يزعم أن الله - تعالى - أوحى إليه ، مع أنه - سبحانه - لم يوح إليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ} (47)

فما منكم من أحد عنه عن القتل أو المقتول حاجزين دافعين وصف لأحد فإنه عام والخطاب للناس .