اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ} (47)

قوله : { فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } .

في «حاجزين » وجهان :

أحدهما : أنه نعت ل «أحد » على اللفظ ، وإنما جمع المعنى ، لأن «أحداً » يعُمُّ في سياق النفي كسائر النكراتِ الواقعة في سياق النَّفْي ، قاله الزمخشري والحوفيُّ .

وعلى هذا فيكون «مِنْكُم » خبراً للمبتدأ ، والمبتدأ في «أحد » زيدت فيه «مِنْ » لوجود شرطها .

وضعفه أبو حيَّان{[57836]} : بأن النفي يتسلَّط على كينونته «منكم » ، والمعنى إنما هو على نفي الحجز عما يراد به .

والثاني : أن يكون خبراً ل «ما » الحجازية ، و «من أحد » اسمها ، وإنما جُمِع الخبرُ لما تقدم و «منكم » على هذا حالٌ ، لأنه في الأصل صفة ل «أحد » أو يتعلق ب «حاجزين » ولا يضر ذلك لكون معمول الخبر جاراً ، ولو كان مفعولاً صريحاً لامتنع ، لا يجوز : «ما طعامك زيداً آكلاً » ، أو متعلق بمحذوف على سبيل البيان ، و «عنه » يتعلق ب «حاجزين » على القولين ، والضمير للمقتول ، أو للقتل المدلول عليه بقوله : «لأخذْنَا ، لقطعنا » .

قال القرطبيُّ{[57837]} : المعنى فما منكم قوم يحجزون عنه لقوله تعالى { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ }[ البقرة : 285 ] هذا جمع لأن «بين » لا تقع إلا على اثنين فما زاد ، قال عليه الصلاة والسلام : «لَمْ تحلَّ الغَنائِمُ لأحدٍ سُودِ الرُّءوسِ قَبْلكُمْ » .

لفظه واحد ، ومعناه الجمع ، و «من » زائدة .

والحَجْز : المنع ، و «حَاجزيْنَ » يجوز أن يكون صفة ل «أحد » ، على المعنى كما تقدم ، فيكون في موضع جر ، والخبر «منكم » ، ويجوز أن يكون منصوباً ، على أنه خبر ، و «منكم » ملغى ، ويكون متعلقاً ب «حاجزين » ، ولا يمنع الفصل به من انتصاب الخبر في هذا ، كما لم يمتنع الفصل به في «إنَّ فيك زيداً راغبٌ » .


[57836]:ينظر: الفخر الرازي 30/106.
[57837]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/180.