البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ} (47)

والظاهر في { حاجزين } أن يكون خبراً لما على لغة الحجاز ، لأن حاجزين هو محط الفائدة ، ويكون منكم لو تأخر لكان صفة لأحد ، فلما تقدّم صار حالاً ، وفي جواز هذا نظر .

أو يكون للبيان ، أو تتعلق بحاجزين ، كما تقول : ما فيك زيد راغباً ، ولا يمنع هذا الفصل من انتصاب خبر ما .

وقال الحوفي والزمخشري : حاجزين نعت لأحد على اللفظ ، وجمع على المعنى لأنه في معنى الجماعة يقع في النفي العام للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، ومنه : { لا نفرق بين أحد من رسله } وقوله : { لستن كأحد من النساء } مثل بهما الزمخشري ، وقد تكلمنا على ذينك في موضعيهما .

وفي الحديث : « لم تحل لأحد سود الرؤوس قبلكم » وإذا كان حاجزين نعتاً فمن أحد مبتدأ والخبر منكم ، ويضعف هذا القول ، لأن النفي يتسلط على الخبر وهو كينونته منكم ، فلا يتسلط على الحجز .

وإذا كان حاجزين خبراً .

تسلط النفي عليه وصار المعنى : ما أحد منكم يحجزه عن ما يريد به من ذلك .