التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقٗاۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (13)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ما يدل على فضله ورحمته بعباده ، وعلى وحدانيته وكمال قدرته ، وعلى أن يوم القيامة آت لا ريب فيه ، وعلى أن كل نفس ستجازى فى هذا اليوم بما كسبت بدون ظلم أو محاباة ، لأن القضاء فيه لله الواحد القهار . فقال - تعالى - :

{ هُوَ الذي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ . . . }

المقصود بآياته - عز وجل - فى قوله : { هُوَ الذي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ . . . } الدلائل الدالة على وحدانيته وقدرته ، كخلقه للشمس والقمر والليل والنهار ، والبحار والأنهار ، والسماء والأرض ، والمطر والرعد ، والنجوم والرياح ، والأشجار الكبيرة والصغيرة . . إلى غير ذلك من آياته التى لا تحصى فى هذا الوجود . .

أى : هو - سبحانه - الذى يريكم آياته الدالة على وحدانيته وقدرته ، لتزدادوا - أيها المؤمنون - إيمانا على إيمانكم ، وثباتا على ثباتكم ، ويقينا على يقينكم ، بأن المستحق للعبادة والطاعة هو الله الواحد القهار .

وقد ساق - سبحانه - فى كتابه عشرات الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته ، ومن ذلك قوله - تعالى - : { إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب } وقوله عز وجل : { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ . . } وقوله - تعالى - : { إِنَّ فِي اختلاف الليل والنهار وَمَا خَلَقَ الله فِي السماوات والأرض لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } والمراد بالرزق فى قوله : { وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً } . . الأمطار التى تنزل من السماء على الأرض ، فتحييها بعد موتها ، بأن تحولها من أرض جدباء يابسة ، إلى أرض خضراء بشتى الزروع والثمار .

وأطلق - سبحانه - على المطر رزقا . لأنه سبب فيه ، وأفرده بالذكر مع كونه من جملة الآيات التى يريها - تعالى - لعباده لتفرده بعنوان كونه من آثار رحمته ، وجلائل نعمه ، الموجبة لشكره - عز وجل - ، ولوجوب إخلاص العبادة له .

وقوله - تعالى - : { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } بيان لمن هو أهل للانتفاع بهذه الآيات .

أى : وما يتذكر وينتفع بهذه الآيات إلا من يرجع عن المعصية إلى الطاعة وعن الكفر إلى الإِيمان ، وعن العناد والجحود ، إلى التفكر والتدبر بقلب سليم .

فقوله { يُنِيبُ } من الإِنابة ، ومعناها الرجوع عن الكفر والمعاصى : إلى الإِيمان والطاعة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقٗاۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (13)

وقوله : { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ } أي : يظهر قدرته لخلقه {[25451]} بما يشاهدونه في خلقه العلوي والسفلي من الآيات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها ، { وَيُنزلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا } ، وهو المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس ، من اختلاف ألوانه وطعومه ، وروائحه وأشكاله وألوانه ، وهو ماء واحد ، فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء ، { وَمَا يَتَذَكَّرُ } أي : يعتبر ويتفكر في هذه الأشياء ويستدل بها على عظمة خالقها { إِلا مَنْ يُنِيبُ } أي : من هو بصير منيب إلى الله ، عز وجل .


[25451]:- (1) في أ: "بخلقه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقٗاۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (13)

هذه ابتداء مخاطبة في معنى توحيد الله تعالى وتبيين علامات ذلك ، وآيات الله : تعم آيات قدرته وآيات قرآنه والمعجزات الظاهرة على أيدي رسله . وتنزيل الرزق : هو في تنزيل المطر وفي تنزيل القضاء والحكم ، قيل ما يناله المرء في تجارة وغير ذلك وقرأ جمهور الناس : «ويُنْزِل » بالتخفيف . وقرأ الحسن والأعرج وعيسى وجماعة : «وينَزِّل » بفتح النون وشد الزاي .

وقوله تعالى : { وما يتذكر إلا من ينيب } معناه : وما يتذكر تذكراً يعتد به وينفع صاحبه ، لأنا نجد من لا ينيب يتذكر ، لكن لما كان ذلك غير نافع عد كأنه لم يكن .