التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

ثم حكى القرآن بعض مقترحاتهم المتعنتة ورد عليها بما يدحضها فقال :

{ وَقَالُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } .

أى : قال الكافرون للنبى صلى الله عليه وسلم هلا كان معك ملك يا محمد لكى يشهد بصدقك ونسمع كلامه ، ونرى هيئته ، وحينئذ نؤمن بك ونصدقك .

قال محمد بن إسحاق " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم - قومه إلى الإسلام ، وكلمهم فأبلغ إليهم ، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب والنضر بن الحارث بن كلده ، وعبد بن يغوث وأبى بن خلق بن وهب والعاص بن وائل بن هشام : لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويروى معك " .

فهم لا يريدون ملكا لا يرونه ، وإنما يريدون ملكا يمشى معه ويشاهدونه بأعينهم .

وأسند - سبحانه - القول إليهم مع أن القائل بعضهم ، لأنهم جميعا متعنتون جاحدون ، وما يصدر عن بعضهم إنما هو صادر فى المعنى عن جميعهم لأن الباعث واحد ، ولولا هنا للتحضيض فلا تحتاج إلى جواب .

أى : وقال الكافرون للنبى صلى الله عليه وسلم هلا كان معك ملك يا محمد لكى يشهد بصدقك ونسمع كلامه ، ونرى هيئته ، وحينئذ نؤمن بك ونصدقك .

وقد رد الله تعالى - على قولهم هذا بردين حكيمين :

أما الرد الأول : فقال فيه : { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } .

أى : لو أنزلنا ملكا كما اقترح هؤلاء الكافرون وهم على ما هم عليه من الكفر والجحود ، لقضى الأمر بإهلاكهم ، ثم لا ينظرون ، أى : لا يؤخرون ولا يمهلون ليؤمنوا ، بل يأخذهم العذاب عاجلا ، فقد مضت سنة الله فيمن قبلهم ، أنهم كانوا إذا اقترحوا آية وأعطوها ولم يؤمنوا يعذبهم الله بالهلاك ، والله - تعالى - لا يريد أن يهلك هذه الأمة التى بعث فيها خاتم رسله نبى الرحمة صلى الله عليه وسلم بسبب إجابة مقترحات أولئك المعاندين المستكبرين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

{ وَقَالُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } [ أي : فيكون معه نذيرا ]{[10573]} قال الله : { وَلَوْ أَنزلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ } أي : لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من الله العذاب ، كما قال تعالى : { مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ } [ الحجر : 8 ] ، [ و ]{[10574]} قال تعالى : { يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ [ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ]{[10575]} } [ الفرقان : 22 ] .


[10573]:زيادة من أ.
[10574]:زيادة من أ.
[10575]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

وقوله تعالى : { وقالوا لولا أنزل عليك ملك } الآية حكاه عمن تشطط من العرب بأن طلب أن ينزل ملك يصدق محمداً في نبوءته ويعلم عن الله عز وجل أنه حق ، فرد الله تعالى عليهم بقوله : { ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر } وقال مجاهد : معناه لقامت القيامة .

قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا ضعيف ، وقال قتادة والسدي وابن عباس رضي الله عنه : في الكلام حذف تقديره ولو «أنزلنا ملكاً فكذبوا به لقضي الأمر » بعذابهم ولم ينظروا حسبما سلف في كل أمة اقترحت بآية وكذبت بعد أن ظهرت إليها ، وهذا قول حسن ، وقالت فرقة { لقضي الأمر } أي لماتوا من هول رؤية الملك في صورته ، ويؤيد هذا التأويل ما بعده من قوله : { ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً } .