التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

ثم بين - سبحانه - أن مرد هذه الكتابة والتقدير للأشياء إليه وحده فقال : { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } .

ولفظ { أَمْراً . . . } يرى بعضهم أنه حال من { كُلُّ أَمْرٍ . . . } أى : يفرق فى هذه الليلة المباركة كل أمر ذى حكمة ، حالة كون هذا الأمر من عندنا وحدنا لا من عند غيرنا .

ويصح أن يكون منصوبا على الاختصاص ، وتنكيره للتفخيم ، أى : أعنى بهذا الأمر الحكيم ، أمرا عظيما كائنا من عندنا وحدنا . وقد اقتضاه علمنا وتدبيرنا .

/د5

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

{ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا } أي : جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه{[26167]} فبأمره وإذنه وعلمه ، { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أي : إلى الناس رسولا يتلو عليهم آيات الله مبينات ، فإن الحاجة كانت ماسة إليه ؛ ولهذا قال : { رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا }


[26167]:- (3) في أ: "يوجبه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

وقوله : أمْرا مِنْ عِنْدِنا إنّا كُنّا مُرْسِلِينَ يقول تعالى ذكره : في هذه الليلة المباركة يُفْرق كلّ أمر حكيم ، أمرا من عندنا .

واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله : أمْرا فقال بعض نحويي الكوفة : نصب على إنا أنزلناه أمرا ورحمة على الحال . وقال بعض نحويي البصرة : نصب على معنى يفرق كل أمر فرقا وأمرا . قال : وكذلك قوله : رَحْمَةً مِنْ رَبّكَ قال : ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع مرسلين عليها ، فجعل الرحمة للنبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقوله : إنّا كُنّا مُرْسِلِينَ يقول تعالى ذكره : إنا كنا مرسلي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبادنا رحمة من ربك يا محمد إنّهُ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ يقول : إن الله تبارك وتعالى هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون فيما أنزلنا من كتابنا ، وأرسلنا من رسلنا إليهم ، وغير ذلك من منطقهم ومنطق غيرهم ، العليم بما تنطوي عليه ضمائرهم ، وغير ذلك من أمورهم وأمور غيرهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

{ أمراً من عندنا } أي أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا ، وهو مزيد تفخيم للأمر ويجوز أن يكون حالا من كل أوامر ، أو ضميره المستكن في { حكيم } لأنه موصوف ، وأن يكون المراد به مقابل النهي وقع مصدرا ل { يفرق } أو لفعله مضمرا من حيث أن الفرق به ، أو حالا من أحد ضميري { أنزلناه } بمعنى آمرين أو مأمورا . { إنا كنا مرسلين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

وانتصب { أمراً من عندنا } على الحال من { أمر حكيم } .

وإعادة كلمة { أمراً } لتفخيم شأنه ، وإلا فإن المقصود الأصلي هو قوله : { من عندنا } ، فكان مقتضى الظاهر أن يقع { من عندنا } صفةً ل { أمر حكيم } فخولف ذلك لهذه النكتة ، أي أمراً عظيماً فخماً إذا وصف ب { حكيم } . ثم بكونه من عند الله تشريفاً له بهذه العندية ، وينصرف هذا التشريف والتعظيم ابتداءً وبالتعيين إلى القرآن إذ كان بنزوله في تلك الليلة تشريفها وجعلها وقتاً لقضاء الأمور الشريفة الحكيمة . وجملة { إنا كنا مرسلين } معترضة وحرف ( إنّ ) فيها مثل ما وقع في { إنا كنا منذرين } .

واعلم أن مفتتح السورة يجوز أن يكون كلاماً موجهاً إلى المشركين ابتداء لفتح بصائرهم إلى شرف القرآن وما فيه من النفع للناس ليكفُّوا عن الصدّ عنه ولهذا وردت الحروف المقطعة في أوَلها المقصودُ منها التحدّي بالإعجاز ، واشتملت تلك الجمل الثلاث على حرف التأكيد ، ويكون إعلام الرّسول صلى الله عليه وسلم بهذه المزايا حاصلاً تبعاً إن كان لم يسبق إعلامه بذلك بما سبق من آي القرآن أو بوحي غير القرآن . ويجوز أن يكون موجهاً إلى الرّسول صلى الله عليه وسلم أصالة ويكون علم المشركين بما يحتوي عليه حاصلاً تبعاً بطريق التعريض ، ويكون التوكيد منظوراً فيه إلى الغرض التعريضي .

ومفعول { مرسلين } محذوف دل عليه مادة اسم الفاعل ، أي مرسلين الرسل .