اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

قوله : «أَمْراً » فيه اثْنَا عَشَرَ{[50224]} وَجْهَاً :

أحدهما : أن ينتصب حالاً من فاعل «أَنْزَلْنَاهُ »{[50225]} .

الثاني : ( أنه{[50226]} ) حال من مفعوله أي أنْزَلْنَاهُ آمرينَ ، أو مَأمُوراً بِهِ{[50227]} .

الثالث : أن يكون مفعولاً له وناصبه إمَّا «أَنْزَلْنَاهُ » وإما «مُنْذِرِينَ » وإما «يُفْرَقُ »{[50228]} .

الرابع : أنه مصدر من معنى يفرق أي فَرْقاً{[50229]} .

الخامس : أنه مصدر «لأَمْرَنَا » محذوفاً{[50230]} .

السادس : أن يكون يُفْرَقُ بمعنى يأمر{[50231]} . والفرق بين هذا وما تقدم أنك رددت في هذا بالعامل إلى المصدر ، وفميا تقدم بالعكس .

السابع : أنه حال من «كُلُّ »{[50232]} . حكى أبو علي الفارسي عن ( أبي{[50233]} ) الحسن أنه حمل قوله : «أمْرا » على الحال ، وذُو الحال «كل أمر حكيم »{[50234]} .

الثامن : أنه حال من «أَمْرٍ » . وجاز ذلك ؛ لأنه وصف ؛ إلا أن فيه شيئين : مجيء الحال من المضاف إليه في{[50235]} غير المواضع المذكورة . والثاني : أنها مؤكدة{[50236]} .

التاسع : أنه مصدر لأَنْزَلَ ، أي ( إنَّا{[50237]} ) أَنْزَلْنَاهُ إِنْزَالاً ، قاله الأخفش{[50238]} .

العاشر : أنه مصدر لكان بتأويل العامل فيه إلى معناه ، أي أَمَرْنَا به أَمْراً بسبب الإنْزَال ، كما قالوا ذلك في وجهي : «فِيهَا يُفْرَقُ » فرقاً ، أو يَنْزِلُ إنزالاً{[50239]} .

الحادي عشر : أنه منصوب على الاختصاص ، قاله الزمخشري{[50240]} . ولا يعني بذلك الاختصاص الاصطلاحي فإنه لا يكون نكرةً .

الثاني عشر : أن يكون حالاً من الضمير في «حَكِيمٍ »{[50241]} .

الثالث عشر{[50242]} : أن ينتصب مفعولاً به بمُنْذِرينَ{[50243]} ، كقوله : { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً } [ الكهف : 2 ] ويكون المفعول الأول محذوفاً أي مُنْذِرينَ الناسَ أمراً ، والحاصل أن انتصابه يرجع إلى أربعة أشياء : المفعول به والمفعول له ، والمصدريةِ ، والحاليةِ ، وإنما التكثير بحسب المحالِّ{[50244]} .

وقرأ زيد بن علي : أَمْرٌ بالرفع{[50245]} . قال الزمخشري : وهي تُقَوِّي النصب على الاختصاص{[50246]} .

قوله : «مِنْ عِنْدنَا » يجوز أن يتعلق «بيُفْرَقُ » أي من جهتنا وهي لابتداء الغاية مجازاً .

ويجوز أن تكون صفة لأمراً{[50247]} .

قوله : { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } جواب ثالث ، أو مستأنف ، أو بدل من قوله : إنا كنا منذرين{[50248]} . قال ابن الخطيب : أي إنا فعلنا ذلك الإنذار لأجل أَنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ، يعني الأنبياء{[50249]} .


[50224]:في ب: فيها اثني عشر خطأ نحوي.
[50225]:ذكره الزمخشري في الكشاف 3/501.
[50226]:سقط من ب.
[50227]:البيان 2/357 والتبيان 1144 والكشاف 3/501 ومشكل إعراب القرآن 2/287.
[50228]:التبيان السابق.
[50229]:البيان 2/357 وهو ظاهر قول الفراء 3/39 قال: أمرا منصوب بقوله: يفرق على معنى يفرق كل أمر فرقا.
[50230]:التبيان 1144.
[50231]:ذكره السمين في الدر المصون 4/810.
[50232]:التبيان السابق.
[50233]:سقط من النسختين والأصح ما أثبت أعلى فهو الأخفش.
[50234]:معاني الأخفش 691.
[50235]:في ب من.
[50236]:نقله أبو حيان في البحر المحيط 8/33.
[50237]:سقط من ب.
[50238]:المعاني له 691.
[50239]:التبيان 1144.
[50240]:الكشاف 3/500.
[50241]:ذكره أبو البقاء في التبيان 1144.
[50242]:أتى به على الرغم من أنه أخبر أن الأوجه اثنا عشر فقط.
[50243]:قاله أبو البقاء بادئا به انظر تبيانه 1144.
[50244]:ولقد ذكر هذه الأوجه مجتمعة في كتابه السمين الحلبي في الدر المصون 4/809 و810.
[50245]:شواذ القرآن 219، والقرطبي 16/129، والكشاف 3/501.
[50246]:الكشاف المرجع السابق.
[50247]:الدر المصون 4/810 و811 والتبيان 1144 والكشاف 3/501.
[50248]:الدر المصون السابق.
[50249]:الرازي 27/241.