السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

وقوله تعالى : { أمراً } أي : فرقاً حال من فاعل أنزلناه ومن مفعوله أي : أنزلناه آمرين أو مأموراً به كائناً { من عندنا } على مقتضى حكمتنا وقوله تعالى : { إنا كنا } أي : أزلاً وأبداً { مرسلين } جواب ثالث أو مستأنف أو بدل من قوله تعالى : { إنا كنا منذرين } أي : لنا صفة الإرسال بالقدرة عليها في كل حين والإرسال لمصالح العباد لا بد فيه من الفرقان بالبشارة والنذارة وغيرهما حتى لا يكون لبس فلا يكون لأحد على الله تعالى حجة ، قال البقاعي : وهذا الكلام المنتظم والقول الملتئم بعضه ببعض المتراصف أجمل رصف في وصف ليلة الإنزال دال على أنه لم ينزل صحيفة ولا كتاباً إلا في هذه الليلة ، فيدل على أنها ليلة القدر للأحاديث الواردة في أن الكتب كلها نزلت فيها ، وكذلك قوله تعالى في سورة القدر : { تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } ( القدر : 4 ) فإن الوحي الذي هو مجمع ذلك هو روح الأمر الحكيم .