البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (5)

جعل كل أمر حكيم جزلاً فخماً ، بأن وصفه بالحكيم ، ثم زاده جزالة وفخامة نفسه بأن قال : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا ، كائناً من لدنا ، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا ، كذا قال الزمخشري .

وقال : وفي قراءة زيد بن علي : { أمراً من عندنا } ، على هو أمراً ، وهي نصب على الاختصاص ومقبولاً له ، والعامل أنزلنا ، أو منذرين ، أو يفرق ، ومصدراً من معنى يفرق ، أي فرقاً من عندنا ، أو من أمرنا محذوفاً وحالاً ، قيل : من كل ، والذي تلقيناه من أشياخنا أنه حال من أمر ، لأنه وصف بحكيم ، فحسنت الحال منه ، إلا أن فيه الحال من المضاف إليه ، وهو ليس في موضع رفع ولا نصب ، ولا يجوز .

وقيل : من ضمير الفاعل في أنزلناه ، أي أمرني .

وقيل : من ضمير المفعول في أنزلناه ، أي في حال كونه أمراً من عندنا بما يجب أن يفعل .

والظاهر أن من عندنا صفة لأمراً ، وقيل : يتعلق بيفرق .

{ إنا كنا مرسلين } : لما ذكر إنزال القرآن ، ذكر المرسل ، أي مرسلين الأنبياء بالكتب للعباد .

فالجملة المؤكدة مستأنفة .

وقيل : يجوز أن يكون بدلاً من { إنا كنا منذرين } .