التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

أما المؤمنون الصادقون فقد بشرهم الله بقوله : { والذين آمَنُواْ بالله } حق الإِيمان وآمنوا { وَرُسُلِهِ } جميعا { وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } أى : لم يفرقوا فى الإِيمان بين رسول ورسول بل آمنوا بهم جميعا .

{ أولئك } الذين استقر الإِيمان الكامل فى قلوبهم ، والذين وصفهم الله - تعالى - بتلك الأوصاف الحميدة { سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ } الله - تعالى - { أُجُورَهُمْ } التى وعدهم بها { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } أى : وكان الله وما زال كثير المغفرة والرحمة لمن هذه صفاتهم ، وتلك نعوتهم .

والتعبير بسوف لتأكيد الأجر الذى وعدهم الله به ، وللدلالة على أنه كان لا محاولة وإن تراخى . وبذلك تكون الآيات الكريمة قد قابلت بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين ؛ ليقلع الناس عن الكفر والمعاصى ، ويستجيبوا لأوامر الله لينالوا رضاه

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

وقوله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } يعني بذلك : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم يؤمنون بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي بعثه الله ، كما قال تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ [ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ] {[8540]} } [ البقرة : 285 ] .

ثم أخبر تعالى بأنه قد أعد لهم الجزاء الجزيل والثواب الجليل والعطاء الجميل ، فقال : { أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } على ما آمنوا بالله ورسله { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي : لذنوبهم أي : إن كان لبعضهم ذنوب .


[8540]:زيادة من: ر، أ، وفي هـ: "الآية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَالّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ أُوْلََئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً } .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : والذين صدّقوا بوحدانية الله ، وأقرّوا بنبوّة رسله أجمعين ، وصدّقوهم فيما جاءوهم به من عند الله من شرائع دينه ولَمْ يُفَرّقُوا بينَ أحَدٍ مِنْهُمْ يقول : ولم يكذّبوا بعضهم ، ويصدّقوا بعضهم ، ولكنهم أقرّوا أن كلّ ما جاءوا به من عند ربهم حقّ . أولَئِكَ يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم من المؤمنين بالله ورسله ، سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ يقول : سوف يعطيهم أُجُورَهُمْ يعني : جزاءهم ، وثوابهم على تصديقهم الرسل في توحيد الله وشرائع دينه وما جاءت به من عند الله . وكانَ اللّهُ غَفُورا يقول : يغفر لمن فعل ذلك من خلقه ما سلف له من آثامه ، فيستر عليه بعفوه له عنه وتركه العقوبة عليه ، فإنه لم يزل لذنوب المنيبين إليه من خلقه غَفُورا رَحِيما ، يعني : ولم يزل بهم رحيما بتفضله عليهم الهداية إلى سبيل الحقّ وتوفيقه إياهم لما فيه خلاص رقابهم من النار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

{ والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم } أضدادهم ومقابلوهم ، وإنما دخل بين على أحد وهو يقتضي متعددا لعمومه من حيث إنه وقع في سياق النفي . { أولئك سوف يؤتيهم أجورهم } الموعودة لهم وتصديره بسوف لتأكيد الوعد والدلالة على أنه كائن لا محالة وإن تأخر . وقرأ حفص عن عاصم وقالون عن يعقوب بالياء على تلوين الخطاب . { وكان الله غفورا } لما فرط منهم . { رحيما } عليهم بتضعيف حسناتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

لما ذكر الله تعالى أن المفرقين بين الرسل هم الكافرون حقاً ، عقب ذلك بذكر المؤمنين بالله ورسله جميعاً . وهم المؤمنون بمحمد عليه السلام ليصرح بوعد هؤلاء كما صرح بوعيد أولئك ، فبين الفرق بين المنزلتين ، وقرأ بعض السبعة «سوف يؤتيهم » بالياء أي يؤتيهم الله ، وقرأ الأكثر «سوف نؤتيهم » بالنون منهم ابن كثير ونافع وأبو عمرو .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

جيء بجملة { والذين آمنوا بالله ورسله } إلى آخرها ؛ لمقابلة المسيئين بالمحسنين ، والنذارةِ بالبشارة على عادة القرآن . والمراد بالذين آمنوا المؤمنون كلّهم وخاصّة من آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام . فهم مقصودون ابتداء لما أشعر به موقع هذه الجملة بعد ذكر ضلالهم ولما اقتضاه تذييل الجملة بقوله : { وكان الله غفوراً رحيماً } أي غفوراً لهم ما سلف من كفرهم ، رحيماً بهم .

والقول في الإتيان بالموصول وباسم الإشارة في هذه الجملة كالقول في مقابله . وقوله : { بين أحد منهم } تقدّم الكلام على مثله في قوله تعالى : { لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } في سورة البقرة ( 136 ) .

وقرأ الجمهور : { نؤتيهم } بنون العظمة . وقرأه حفص عن عاصم بياء الغائب والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله : { والذين آمنوا بالله ورسله } .