والتى من صفاتها كونها { نَزَّاعَةً للشوى }
أى : قلاعة لجلدة الرأس وأطراف البدن ، كاليد والرجل ، ثم تعود هذه الجلدة والأطراف كما كانت .
فقوله : { نَزَّاعَةً } صيغة المبالغة من النزع بمعنى القلع والفصل . والشوى : جمع شواة - بفتح الشين - ، وهى من جوارح الإِنسان ما لم يكن مقتلا ، مثل اليد والرجل . والجمع باعتبار ما لكل أحد من جوارح وأطراف . يقال : فلان رمى فأشوى ، إذا لم يصب مقتلا ممن رماه .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : { نزاعَةً لِلشَّوَى } الجلود والهام . وقال مجاهد : ما دون العظم من اللحم . وقال سعيد بن جبير : العصب . والعقب . وقال أبو صالح : { نزاعَةً لِلشَّوَى } يعني : أطراف اليدين والرجلين . وقال أيضا : نزاعة لحم الساقين . وقال الحسن البصري ، وثابت البناني : { نزاعَةً لِلشَّوَى } أي : مكارم وجهه . وقال الحسن أيضا : تحرق كل شيء فيه ، ويبقى فؤاده يصيح . وقال قتادة : { نزاعَةً لِلشَّوَى } أي : نزاعة لهامته ومكارم وَجهه وخَلْقَه وأطرافه . وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم ، حتى لا تترك منه شيئًا . وقال ابن زيد : الشوى : الآراب العظام . فقوله : نزاعة ، قال : تقطع عظامهم ، ثم يُجَدد خلقهم وتبدل جلودهم .
وقوله : نَزّاعةً للشّوَى يقول تعالى ذكره مخبرا عن لظَى إنها تنزع جلدة الرأس وأطراف البدن والشّوَى : جمع شواة ، وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلاً ، يقال : رمى فأشوى : إذا لم يصب مَقْتلاً ، فربما وصف الواصف بذلك جلدة الرأس كما قال الأعشى :
قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لَهُ *** قَدْ جُلّلَتْ شَيْبا شَوَاتُهْ
وربما وصف بذلك الساق كقولهم في صفة الفرس :
*** عبْلُ الشّوَى نَهْدُ الجُزَارَه ***
يعني بذلك : قوائمه ، وأصل ذلك كله ما وصفت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت ابن عباس عن : نَزّاعَةً للشّوَى قال : تنزع أمّ الرأس .
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصوّاف ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن الأشقر ، قال : حدثنا يحيى بن مهلب أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله نَزّاعَةً للشّوَى قال : تنزع الرأس .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله نَزّاعَةً للشّوَىَ يعني الجلود والهام .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : نَزّاعَةً للشّوَى قال : سألت سعيد بن جبير عن قوله : نَزّاعَةً للشّوَى فلم يخبر ، فسألت عنها مجاهدا ، فقلت : اللحم دون العظم ؟ فقال : نعم .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح نَزّاعَةً للشّوَى قال : لحم الساق .
حدثني محمد بن عُمارة الأسديّ ، قال : حدثنا قبيصة بن عقبة السّوائيّ ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله نَزّاعَةً للشّوَى قال : نزاعة للحم الساقين .
حدثنا ابن حميد ، قال : مهران ، عن خارجة ، عن قرة بن خالد ، عن الحسن نَزّاعَةً للشّوَى قال : للهام تحرق كلّ شيء منه ، ويبقى فؤاده نضيجا .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن ، في قوله : نَزّاعَةً للشّوَى ثم ذكر نحوه .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : نزّاعَةً للشّوَى : أي نزّاعة لهامته ومكارم خَلْقِهِ وأطرافه .
حُدّثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : نَزّاعَةً للشّوَى تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : نَزّاعَةً للشّوَى قال : الشوى : الاَراب العظام ، ذاك الشوى .
وقوله : نَزّاعَةً قال : تقطع عظامهم كما ترى ، ثم يجدّد خلقهم ، وتبدّل جلودهم .
و : «الشوى » جلد الإنسان ، وقيل جلد الرأس الهامة ، قاله الحسن . ومنه قول الأعشى : [ مجزوء الكامل ]
قالت قتيلة ما له*** قد جللت شيباً شواته{[11321]}
ورواه أبو عمرو بن العلاء سراته فلا شاهد في البيت على هذه الرواية . قال أبو عبيدة : سمعت أعرابياً يقول اقشعرت شواتي ، و «الشوى » أيضاً : قوائم الحيوان ، ومنه عبل الشوى{[11322]} ، و «الشوى » أيضاً : كل عضو ليس بمقتل ، ومنه رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل ، ومنه " رمى الشوى " {[11323]} إذا لم يصب المقتل ، وقال ابن جرير : «الشوى » العصب والعقب ، فنار لظى تذهب هذا من ابن آدم وتنزعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.