التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

وقوله - سبحانه - { وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ . . . } معطوف على قوله قبل ذلك { نبئ عبادى . . . } .

قال الجمل : وأصل الضيف : الميل ، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه . والضيف من مال إليك نزولاً بك ، وصارت الضيافة في القرى وأصل الضيف مصدر ، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في غالب كلامهم . وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف . . . .

والمراد بضيف إبراهيم هنا : الملائكة الذين نزلوا عنده ضيوفًا في صورة بشرية ، وبشروه بغلام عليم ، ثم أخبروه بأنهم أرسلو إلى قوم لوط لإِهلاكهم . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

49

( وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ )

ثم تجيء قصة إبراهيم مع الملائكة المرسلين إلى قوم لوط . . وقد وردت هذه الحلقة من قصة إبراهيم وقصة لوط في مواضع متعددة بأشكال متنوعة ، تناسب السياق الذي وردت فيه . ووردت قصة لوط وحده في مواضع أخرى .

وقد مرت بنا حلقة من قصة لوط في الأعراف ، وحلقة من قصة إبراهيم ولوط في هود . . فأما في الأولى فقد تضمنت استنكار لوط لما يأتيه قومه من الفاحشة ، وجواب قومه : ( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) . . وإنجاءه هو وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين . وذلك دون ذكر لمجيء الملائكة إليه وائتمار قومه بهم . . وأما في الثانية فقد جاءت قصة الملائكة مع إبراهيم ولوط مع اختلاف في طريقة العرض . فهناك تفصيل في الجزء الخاص بإبراهيم وتبشيره وامرأته قائمة ، وجداله مع الملائكة عن لوط وقومه . وهو ما لم يذكر هنا . وكذلك يختلف ترتيب الحوادث في القسم الخاص بلوط في السورتين . . ففي سورة هود لم يكشف عن طبيعة الملائكة إلا بعد أن جاءه قومه يهرعون إليه وهو يرجوهم في ضيفه فلا يقبلون رجاءه ، حتى ضاق بهم ذرعا وقال قولته الأسيفة : ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ! ) . وأما هنا فقدم الكشف عن طبيعة الملائكة منذ اللحظة الأولى ، وأخر حكاية القوم وائتمارهم بضيف لوط . لأن المقصود هنا ليس هو القصة بترتيبها الذي وقعت به ، ولكن تصديق النذير ، وأن الملائكة حين ينزلون فإنما ينزلون للعذاب فلا ينظر القوم ولا يمهلون . .

( ونبئهم عن ضيف إبراهيم ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

وفي عطف { ونبّئهم عن ضيف إبراهيمّ } على { نبّئ عباديّ تحقيق لهما بما يعتبرون به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

قرأ أبو حيوة «ونبهُم » بضم الهاء من غير همز ، وهذا ابتداء قصص بعد انصرام الغرض الأول{[7186]} ، و { ضيف } مصدر وصف به فهو للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد كعدل وغيره ، قال النحاس وغيره : التقدير عن أصحاب ضيف .

قال القاضي أبو محمد : ويغني عن هذا أن هذا المصدر عومل معاملة الأسماء كما فعل في رهن ونحوه ، والمراد ب «الضيف » هنا الملائكة الذين جاؤوا لإهلاك قوم لوط وبشروا إبراهيم ، وقد تقدم قصصهم .


[7186]:في قوله تعالى: {نبيء عبادي} الآية ترجيح لجهة الخير، لأن الله تبارك وتعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا التبليغ فكأن الله أشهده على نفسه بالتزام المغفرة والرحمة، ولأنه أضاف العباد إليه و في هذا تشريف لهم، ولأنه أكد اسم [أن] بقوله: (أنا)، وأدخل (أل) على صفتي الغفران والرحمة، وجاء بهما في صيغة المبالغة، وبدأ بالصفة السارة وهي الغفران، ثم أتبعها بالصفة التي نشأ عنها الغفران و هي الرحمة، وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأخبر عبادي يا محمد "عن ضيف إبراهيم "يعني الملائكة الذين دخلوا على إبراهيم خليل الرحمن حين أرسلهم ربهم إلى قوم لوط ليهلكوهم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ونبئهم عن ضيف إبراهيم} أي نبئ قومك عن ضيف إبراهيم، أي نبئهم بتمام ما فيه من الزجر والموعظة، لأن في ذلك إخبار ما نزل بالمكذبين بتكذيبهم الرسل، وهو الإهلاك ونجاة من صدق الرسل. ففيه تمام ما يزجرهم، ويعظهم من الترهيب والترغيب...

فإن ذلك ما يزجرهم على مثل صنيعهم. وفيه ذكر نعم الله لأنهم جاؤوا بالبشارة بشارة الولد، وجاؤوا بإهلاك قوم مجرمين. فذلك بالذي يزجرهم عن مثله، والبشارة ترغبهم في مثل صنيع إبراهيم... ودل قوله: {ضيف إبراهيم} أن الضيف اسم كل نازل على آخر، طعم عنده، أو لم يطعم، وكان نزوله للطعام أو لا.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أَلا عرَّفهم كيف كانت فتوة الخليل في الضيافة، وقيامه بحقِّ الضيفان، وكان الخليلُ عليه السلام يقوم بنفسه بخدمة الضيفان...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما بالغ في تقرير أمر النبوة ثم أردفه بذكر دلائل التوحيد، ثم ذكر عقيبه أحوال القيامة وصفة الأشقياء والسعداء، أتبعه بذكر قصص الأنبياء عليهم السلام ليكون سماعها مرغبا في الطاعة الموجبة للفوز بدرجات الأنبياء، ومحذرا عن المعصية لاستحقاق دركات الأشقياء، فبدأ أولا بقصة إبراهيم عليه السلام...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

.. في سورة هود لم يكشف عن طبيعة الملائكة إلا بعد أن جاءه قومه يهرعون إليه وهو يرجوهم في ضيفه فلا يقبلون رجاءه، حتى ضاق بهم ذرعا وقال قولته الأسيفة: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد!). وأما هنا فقدم الكشف عن طبيعة الملائكة منذ اللحظة الأولى، وأخر حكاية القوم وائتمارهم بضيف لوط. لأن المقصود هنا ليس هو القصة بترتيبها الذي وقعت به، ولكن تصديق النذير، وأن الملائكة حين ينزلون فإنما ينزلون للعذاب فلا ينظر القوم ولا يمهلون.. (ونبئهم عن ضيف إبراهيم).

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... {ضيف إبراهيم}: الملائكة الذين تشكلوا بشكل أناس غرباء مارّين ببيته.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

من قصة إبراهيم وضيفه ولوط وقومه:

في الآيات السابقة طلبوا أن ينزل معه ملائكة ليؤمنوا به، وقد رد الله تعالى قولهم بأنه: {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام 9]، وفي هذه الآيات التي تلونا نزل ملائكة الله تعالى إلى الأرض فكانوا في مظهرهم بشرا ورجالا ولكن الروحانية تجعل من يخاطبهم – ولو كان نبيا من أولى العزم من الرسل – يوجل منهم؛ لأن جنسهم غير جنسه.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وكلمة (ضيف) تدل على المائل لغيره لقرى أو استئناس، ويسمونه المنضوي لأنه ينضوي إلي غيره لطلب القرى، ولطلب الأمن...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الضّيوف الغرباء..!

تتحدث هذه الآيات المباركات وما بعدها عن الجنبة التربوية في تاريخ حياة الأنبياء عليهم السلام وما جرى لهم مع العصاة من أقوامهم، وتطرح الآيات نماذج حيّة للاعتبار، لكلا الطرفين؛ عباد اللّه المخلصين من طرف وأتباع الشيطان من طرف آخر. ومن لطيف البيان القرآني شروع الآيات بذكر قصة ضيف إِبراهيم وهم الملائكة الذين جاؤوا بهيئة البشر وبشروه بولد جليل الشأن، ومن ثمّ أخبروه عن أمر عذاب قوم لوط. فقد جاء في الآيتين السابقتين أمر اللّه إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبيان سعة رحمة اللّه للناس مع تبيان أليم عذابه، ويطرح في هذه القصة نموذجين حيين لهاتين الصفتين، وبذلك تتبيّن صلة الربط بين هذه الآيات.