فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ ( 51 ) }

ثم أتبع ذلك بقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليكون سماعها مرغبا في العبادة الموجبة للفوز بدرجات السعداء ، ومحذرا عن المعصية الموجبة لاستحقاق دركات الأشقياء وذكر هنا أربع قصص : قصة إبراهيم ثم قصة لوط ثم قصة شعيب ثم قصة صالح ، وسيأتي تفصيلها . وافتتح من ذلك بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال :

{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ } أي أخبرهم بما جرى على إبراهيم من الأمر الذي اجتمع فيه له الرجاء والخوف والتبشير الذي خالطه نوع من الوجل ليعتبروا بذلك ويعلموا أنها سنة الله في عباده ؛ وأيضا لما اشتملت القصة على إنجاء المؤمنين وإهلاك الظالمين كان في ذلك تقرير لكونه الغفور الرحيم ، وأن عذابه هو العذاب الأليم .

وأصل الضيف الميل ، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه ، والضيف من مال إليك نزولا بك ، وصارت الضيافة متعارفة في القرى ، وهو في الأصل مصدر ولذلك وحد ، وإن كانوا جماعة ملائكة اثني عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل على صورة غلمان حسان أرسلهم الله ليبشروه بالولد ويهلكوا قوم لوط عليه السلام ، وقد مر تفسير القصة مفصلا في سورة هود عليه السلام ، وسمي الضيف ضيفا لإضافته إلى المضيف ، وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان