اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَنَبِّئۡهُمۡ عَن ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ} (51)

قوله تعالى : { وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } القصَّة : لما قرَّر أمر النبوة ، وأردفه بدلائل التوحيد ، ثمَّ عقبه بذكر أحوال القيامةِ ، وصفة الأشقياء ، والسعداء ، أتبعه بذكر قصص الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- ، ليكن سماعها مرغِّباً للعبادة الموجبة للفوز بدرجاتِ الأولياءِ ، ومحذراً عن المعصية الموجبةِ لاستحقاقِ دركاتِ الأشقياءِ .

فقوله : " ونَبِّئْهُم " ، هذا الضمير راجعٌ إلى قوله عز وجل : " عِبَادِي " ، أي : ونبِّئ عبادي ، يقال : أنْبأتُ القوم إنباءً ونَبَّأتهُم تَنْبئةً إذا أخبرتهم .

قوله : " عَن ضَيْفِ " ، أي [ أضياف إبراهيم ]{[19556]} ، والضَّيْفُ في الأصل مصدر ضَافَ يضيفُ : إذا أتى إنساناً يطلب القوى ، وهو اسمٌ يقع على الواحدِ ، والاثنين ، والجمع ، والمذكر ، والمؤنَّث .

فِإن قيل : كيف سمَّاهم ضيفاً ، مع امتناعهم من الأكلِ ؟ .

فالجواب : لمن ظنَّ إبراهيم -صلوات الله وسلامه عليه- أنَّهم إنَّما دخلوا عليه لطلب الضِّيافة ، جاز تسميتهم ذلك .

وقيل : من دخل [ دار ]{[19557]} إنسان ، والتجأ إليه سمِّي ضيفاً ، ون لم يأكل ، وكان إبراهيم -صلوات الله وسلامه عليه- يكنَّى أبا الضيفان{[19558]} ، كان لقصره أربعة أبوابٍ ، لكي لا فوته أحدٌ .

وسمِّي الضيف ضيفاً ؛ لإضافته إليك ، ونزوله عليك .

قال القرطبي -رحمه الله- : " ضَافهُ مَالَ إليه ، وأضَافهُ : [ أماله ]{[19559]} ، ومنه الحديث : حِينَ تضيف الشَّمسُ للغُروبِ . وضَيفُوفَةُ السَّهم ، والإضافةُ النَّحوية " .


[19556]:في ب: ضيافة.
[19557]:في ب: بيت.
[19558]:في ب: الأضياف.
[19559]:في ب: أمال إليه.